بيعته ويذكر فيه اجتماع المهاجرين والأنصار على بيعته ، ونكث طلحة والزبير ، وماكان من حربه إيّاهما ويدعوه إلى الدخول فيما دخل فيه المهاجرون والأنصار من طاعته (١).
ولمّا قرأ معاوية كتاب علي استشار عمروبن العاص ، فأشار إليه بقوله : « إنّ رأس أهل الشام شرحبيل بن السمط الكنديّ ، وهو عدو لجرير المرسَل إليك ، فارسل إليه ووطّن له ثقاتك فليفشوا في الناس أنّ علياً قتل عثمان وليكونوا أهل الرضا عند شرحبيل فإنّها كلمة جامعة لك أهل الشام على ما تحب ، وإن تعلّقت بقلب شرحبيل لم تخرج منه بشيء أبداً ».
فكتب معاوية إلى شرحبيل انّ جرير بن عبدالله قدِم علينا من عند عليّ بن أبي طالب بأمر فظيع ، فاقبل.
فلمّا قدم كتابُ معاوية على شرحبيل وهو بحمص ، استشار أهلَ اليمن (المتواجدين في حمص) فاختلفوا فيه ولكن عبدالرحمن بن غنم الأزدي أشار إليه بقوله : « إنّ الله لم يزل يزيدك خيراً مذ هاجرت إلى اليوم ، وانّه لا ينقطع المزيد من الله حتى ينقطع الشكر من النّاس ، ( ولايُغيِّر الله ما بِقَوْم حتّى يُغَيّروا ما بِاَنْفُسِهِم ) ، إنّه قد اُلقِىَ إلينا قتل عثمان وانّ عليّاً قتل عثمان ، فإن يك قَتَله فقد بايعه المهاجرون والأنصار وهم الحُكّام على الناس ، وإن لم يكن قتله فعلام تصُدِّق معاوية عليه ، لا تُهْلِك نفسك وقومك ، فان كرهت أن يذهب بحظِّها جرير ، فسر إلى عليّ ، فبايعه على شامك وقومك ، فأبى شرحبيل إلاّ أن يسير إلى معاوية.
لم يكن عبدالرّحمن بن غنم الأزدي الرجل الوحيد الذي نصحه بل اجتمع هو مع جرير ، فقال له جرير أمّا قولك إنّ عليّاً قتل عثمان ، فوالله ما في
__________________
١ ـ الطبري : التاريخ ٣ / ٥٦٠ ـ ٥٦١.