هذا هو نافع بن الأزرق ، وهذا غلو منهجه وتطرّفه الفكري ، حيث يجوّز استعراض الناس والتفتيش عن عقائدهم وقتل الأطفال إلى غير ذلك.
وأمّا خروجه فقد بسط الكلام فيه المؤرّخون (١) على وجه لايسعنا نقله وإنّما نكتفي بما لخّصه البغدادي.
قال البغدادي : ثمّ الأزارقة بعد اجتماعها على البدع التي حكيناها عنهم بايعوا نافع بن الأزرق وسمّوه أمير المؤمنين ، وانضمّ إليهم خوارج عمان واليمامة فصاروا أكثر من عشرين ألفاً ، واستولوا على الأهواز وما وراءها من أرض فارس وكرمان وجبوا خراجها.
وكتب إلى من بالبصرة من المحكِّمة : أمّا بعد فإنّ الله اصطفى لكم الدين فلاتموتنّ إلاّ وانتم مسلمون ، إنّكم لتعلمون أنّ الشريعة واحدة ، والدين واحد ، ففيم المقام بين أظهر الكفّار ، ترون الظلم ليلا ونهاراً ، وقد ندبكم الله عزّوجلّ إلى الجهاد ، فقال : ( وَقاتِلُوا المُشرِكينَ كافَّة ) (٣) ولم يجعل لكم في التخلّف عذراً في حال من الأحوال فقال : ( انْفِرُوا خِفافاً وثقالا ) (٤) وإنّما عذر الضعفاء والمرضى ، والذين لا يجدون ما ينفقون ، ومن كانت اقامته لعلّة ، ثم فضّل عليهم مع ذلك المجاهدين فقال : ( لا يَسْتَوِى القَاعِدُونَ مِنَ المُمؤْمِنِينَ غَيْرُ اُولِى الضَّرَرِ والُمجاهِدُونَ فِى سَبِيلِ الله ) (٥) ، فلا تغتّروا وتطمئنوا إلى الدنيا ، فإنّها غرّارة
____________
١ ـ ذكر ابن أبي الحديد مفصّل حروب الأزارقة في شرحه ، لاحظ ٤ / ١٣٦ ـ ٢٧٨.
٢ ـ المبرّد : الكامل ٢ / ٢١٣.
٣ ـ التوبة : ٣٦.
٤ ـ التوبة : ٤١.
٥ ـ النساء : ٩٥.