سبحانه : ( الاَْخِلاَّ ءُ يَوْمَئِذِ بَعْضُهُمْ لِبَعْض عَدُوٌّ إِلاَّ الْمـُتَّقِينَ ) (١) ، ومع ذلك كلّه فيحتمل أن تكون القصّة مختلقة من جانب الأعداء لأنّهم كانوا يرون أمثال أبي عبيدة من المبتدعة الذين تجوز مباهتتهم إبعاداً للناس عن ضلالهم.
لم يصل إلينا من كتب أبي عبيدة مع كثرتها غير كتاب مجاز القرآن ، وقد عرفت أنّ ابن خلّكان ذكر له أسماء كتب ثلاثة حول القرآن وزاد ابن النديم كتاب « اعراب القرآن » وهل ألّف أبو عبيدة كتباً بهذه الأسماء أو هي أسماء متعدّدة والمسمّى واحدٌ؟ فقد رجّح محقّق كتاب مجاز القرآن الثاني وقال : « والّذي نظنّه أن ليس هناك لأبي عبيدة غير كتاب المجاز » ، وانّ هذه الأسماء اُخذت من الموضوعات الّتي تناولها « المجاز » فهو يتكلّم في معاني القرآن ، ويفسّر غريبه ، وفي أثناء هذا يعرض لاعرابه ، ويشرح أوجه تعبيره ، وذلك ما عبّر عنه أبو عبيدة بمجاز القرآن ، فكلّ سمّى الكتاب بحسب أوضح الجوانب الّتي تولّى الكتاب تناولها ، ولفتت نظره أكثر من غيرها ، ولعلّ ابن النديم لم ير الكتاب ، وسمع هذه الأسماء من أشخاص متعدّدين فذكر لأبي عبيدة في موضوع القرآن هذه الكتب المختلفة الأسماء.
ثمّ إنّ التأليف في غريب القرآن كثير ، وربّما يعبّر عن بعضه بمعاني القرآن ، كما هو الحال في كتاب الفرّاء ، وربما يعبّر عنه بمجازات القرآن كما هو الحال في تأليف الشريف الرضي ، وامّا الفرق بين كتاب أبي عبيدة وكتاب الرضيّ وقد اشتهر الأوّل بمجاز القرآن ، والثاني بمجازات القرآن ، هو أنّ الأوّل يستعمل لفظ المجاز بمعنى مفهوم الكلمة والآية ، بخلاف الثاني فإنّه يستعمله في الجامع بين
__________________
١ ـ الزخرف : ٦٧.