وقد ذكر ابن خلّكان أنّه لم يزل يصنّف حتّى مات ، وتصانيفه تقارب مائتي تصنيف ، ، فمنها كتاب « مجاز القرآن الكريم » وكتاب « غريب القرآن » وكتاب « معاني القرآن » وكتاب « غريب الحديث » ... (١) ويبدو من فهرس تصانيفه أن أكثرها يدور بين اللغة والشعر والتاريخ وما يشابهها ، والّذي أثار عواطف الاُمّة العربية ضدّه أنّه ألّف كتاب « لصوص العرب » وكتاب « فضائل الفرس » ، ومن المعلوم أنّ العصبية العمياء لاتحبّ كلا التأليفين.
يقول ابن خلكان : لمّا جمع كتاب المثالب ، ولعلّ مراده هو « لصوص العرب » ، قال له رجلٌ مطعون النسب : بلغني أنّك عبت العرب جميعها ، فقال : « وما يضّرك ، أنت من ذلك بريء »! يعني أنّه ليس منهم ، ويذكر ابن خلكان أيضاً : أنّه لايقبل أحد من الحكّام شهادته لأنه كان يتّهم بالميل إلى الغلمان. قال الأصمعي : دخلت أنا وابو عبيدة يوماً المسجد فإذا على الاسطوانة الّتي يجلس إليها أبو عبيدة مكتوب على نحو من سبعة أذرع.
صلّى الإله على لوط وشيعته |
|
أبا عبيدة قل بالله آمينا |
فقال لي : يا أصمعي! امحُ هذا ، فركبت على ظهره ومحوته بعد أن أثقلته إلى أن قال : أثقلتني وقطعت ظهري ، فقلت له : قد بقي الطاء. فقال : هي شرّ حروف هذا البيت!(٢).
أقول : إنّ الأصمعي كان ممّن ينصب العداء على عليّ ، وابا عبيدة كان من الخوارج ، والجنس إلى الجنس يميل « والمرء على دين خليله وقرينه » وقال سبحانه حاكياً عن المجرمين ( يَـوَيْلَتَي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً ) (٣) وقال
__________________
١ ـ ابن خلكان : وفيات الاعيان ٥ / ٢٣٨ تحقيق الدكتور احسان عباس.
٢ ـ المصدر نفسه : ٢٤٢.
٣ ـ الفرقان : ٢٨.