مع معرفته ربّما لايقم البيت إذا أنشده ، حتى يكسره ، وكان يخطأ إذا قرأ القرآن الكريم نظراً ، وكان يبغض العرب ، والّف في مثالبها كتباً ، وكان يرى رأي الخوارج (١).
ونقل ابن خلكان عن بعضهم : أنّ هارون الرشيد أقدمه من البصرة إلى بغداد سنة ١٨٨ ، وقرأ عليه بها أشياءً من كتبه ، واسند الحديث إلى هشام بن عروة وغيره وروى عنه علي بن المغيرة الأثرم ، وابو عبيد القاسم بن سلام ، وابو عثمان المازني ، وابو حاتم السجستاني وعمر بن شبة وغيرهم.
ولأجل إلمام القارئ على نموذج من تفسيره نأتي بما يلي :
سأله رجل عن قوله سبحانه : ( أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * إِنَّا جَعَلْنَـهَا فِتْنَةً لِّلظَّـلِمِينَ * إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِى أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَـطِينِ * فَإِنَّهُمْ لاََكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ ) (٢).
سأله عن قوله : ( طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَـطِينِ ) وقال : إنّما يقع الوعد والايعاد بما عرف مثله ، وهذا لم يعرف فأجاب : إنّما كلّم الله العرب على قدر كلامهم. أما سمعت قول أمرئ القيس :
أيقتلني والمشرفّي مُضاجعي |
|
و مسنونة زرقٌ كأنياب أغوال |
و هم لم يروا الغول قطّ ، ولكنّه لمّا كان أمر الغول يهولهم ، أو عدوا به.
ثم يقول : وازمعت منذ ذلك اليوم أن أضع كتاباً في القرآن لمثل هذا واشباهه ولما يحتاج إليه من علمه ، ولمّا رجعت إلى البصرة عملت كتابي الّذي سمّيته المجاز (٣).
__________________
١ ـ ابن قتيية : المعارف ٢٤٣.
٢ ـ الصافات : ٦٢ ـ ٦٦.
٣ ـ ابن خلكان : وفيات الاعيان ٥ / ٢٣٦ تحقيق الدكتور احسان عباس. ولا حظ : مجاز القرآن لأبي عبيدة ج٢.