لمّا خرج قريب وزحاف الطائي فاعترضا الناس فقتلا شيخاً ناسكاً إلى آخر مامرّ في خروجهم ، انّه لمّا بلغ أعمالهم أبا بلال اعترض عليهم ، فقال : قريب لا قرّبه الله ، وزحاف لا عَفا الله عنه ، ركباها عشواء مظلمة (يريد اعتراضهما الناس).
كان لزياد بن أبيه اُسلوباً في استئصال الخوارج وهو يتلخّص في أمرين :
١ ـ إذا وقف على خارجي في قبيلة وثب على جميعهم ، وقد خطب يوماً وقال : ألا ينهى كلّ قوم سفهاءهم يا معشر الأزد لولا أنّكم أطفأتم هذه النائرة لقلت إنّكم أرّثتموها (١). فكانت القبائل إذا أحسّت بخارجيّ فيهم شدّتهم وأتت بهم زياداً.
٢ ـ خرجت طائفة من الخوارج وأخرجوا معهم امرأة ، فظفربها فقتلها ، ثم عرّاها ، فلم تخرج النساء بعد على زياد ، وكنّ إذا دعين إلى الخروج قلن : لولا التعرية لسارعنا.
كان الحافز لتلك الثورات والانتفاضات ـ التي كانت تتضمّن التضحية بالنفس والنفيس ـ هو الاعتقاد الجدّي ، بأنّ الحكومات القائمة ، حكومات كافرة ، اُسّست باسم الإسلام ولكن انحرفت عن الخط الصحيح له ، فالأمويّون باعتبار اشاعة الظلم والفساد بينهم ، خرجوا عن ربقة الإسلام ، ودخلوا في الكفر ، وهم كافرون ، كما أنّ المؤيّدين لهم مثلهم أيضاً كفرة ، فالخلافات والحكومات كلّها كافرة ، والدار دار كفر ، ويجب عليهم جهاد الكفّار (٢).
__________________
١ ـ أرّث : أوقد نار الفتنة.
٢ ـ يعلم ذلك من خطب أمرائهم ورؤسائهم.