أألفا مؤمن فيما زعمتم |
|
ويهزمهم بآسك أربعونا |
كذبتم ليس ذاك كما زعمتم |
|
ولكن الخوارج مؤمنونا |
هم الفئة القليلة غير شك |
|
على الفئة الكثيرة ينصرونا |
ثم ندب لهم عبدالله بن زياد الناس واختار عباد بن أخضر ، فوجّهه في أربعة آلاف وكان التقاؤهم في يوم الجمعة فناداه أبو بلال : اخرج إليّ يا عباد فإنّي اُريد أن اُحاورك ، فخرج إليه ، فقال : ما الذي تبغي؟ قال : آخذ بأقفائكم فأردَّكم إلى الأمير عبيدالله بن زياد ، قال : أو غير ذلك؟ قال : وما هو؟ قال : أن ترجع ، فإنّا لانخيف سبيلا ولا نحارب إلاّ من حاربنا ، ولا نجبي إلاّ ما حمينا ، فقال له عباد : الأمر ما قلت لك ، فقال له حريث بن حجل : أتحاول أن ترد فئة من المسلمين إلى جبّار عنيد؟ قال لهم : أنتم أولى بالضلال منه ، وما من ذاك بدّ.
وقدم القعقاع بن عطية الباهلي من خراسان يريد الحجّ فلمّا رأى الجمعين ، قال : ماهذا؟ قالوا : الشراة فحمل عليهم ، فاُخِذَ القعقاع أسيراً ، فَأُتي به أبو بلال ، فقال : ما أنت؟ قال : لست من أعدائك ، وأنّما قدمت للحج فجهلت وغررت ، فأطلقه ....
فلم يزل القوم يجتلدون ، حتى جاء وقت الصّلاة يوم الجمعة ، فناداهم أبوبلال : يا قوم هذا وقت الصلاة ، فوادعونا حتى نصلّي وتصلّوا ، قالوا : لك ذاك ، فرمى القوم أجمعون أسلحتهم وعمدوا للصّلاة ، فأسرع عباد ومن معه ، والحروريّة مبطئون ، فهم من بين راكع وقائم وساجد في الصّلاة وقاعد ، حتى مال عليهم عباد ومن معه فقتلوهم جميعاً ، وأتى برأس أبي بلال (١).
هذا أبو بلال وهذه مرونته واعتداله ، فعدّ الاباضية مبدأ الاعتدال ليس بقوي ، بل الحق أنّه مبدأ للطريق الذي سلكه عبدالله بن اباض ، ولأجل ذلك نرى
__________________
١ ـ المبرد : الكامل ٢ / ١٨٦. الطبري : التاريخ ٤ / ٢٣٢. ابن الاثير : الكامل ٣ / ٢٥٦.