فإذا لحم مجتمع كثدي المرأة ، وحلمة عليها شعرات سود ... فلمّا رآه قال : الله أكبر لاكَذِبْتُ ولاكذّبت.
وقال حينما مرّ بهم وهم صرعى : بؤساً لكم لقد ضرّكم من غرّكم ، قالوا : يا أميرالمؤمنين : من غرّهم ، قال : الشيطان والنفس الأمّارة بالسوء ، غرّتهم بالأماني ، وزينت لهم المعاصي ، نبّأتهم أنّهم ظاهرون (١) قال علي : خذوا ما في عسكرهم من شيء ، قال : فأمّا السلاح والدواب وما شهدوا به عليه الحرب فقسمة بين المسلمين ، وأمّا المتاع والعبيد والاماء فإنّه حين قدم ، ردّه على أهله ، ونقل الطبري أيضاً : انّ علياً أمر بطلب من به رمق منهم ، فكانوا أربعمائة ، فأمر بهم عليّ ، ودفعوا إلى عشائرهم ، وقال : احملوهم معكم فداووهم ، فاذا برأوا ، فوافوا بهم الكوفة (٢).
كانت الخوارج من أهل القبلة وأهل الصلاة والعبادة ، وكان الناس يستصغرون عبادتهم عند صلواتهم ، فلم يكن قتالهم واستئصالهم أمراً هيّناً ، ولم يكن يجترئ عليه غير عليّ عليهالسلام ولأجل ذلك قام بعد قتالهم ، فقال : أمّا بعد حمدا لله والثناء عليه ، أيّها الناس فإنّي فَقَأتُ عين الفتنة ، ولم يكن ليجترىءَ عليها أحد غيري ، بعد أن ماج غيهبها واشتدّ كلَبُهُا (٣). (٤)
قال ابن أبي الحديد : إنّ الناس كلّهم كانوا يهابون قتال أهل القبلة ،
__________________
١ ـ المسعودي : مروج الذهب ٣ / ١٥٨. ابن الأثير : الكامل ٣ / ١٧٥ ـ ١٧٦.
٢ ـ الطبري : التاريخ ٤ / ٦٦.
٣ ـ الغيهب : الظليمة والمراد بعد ما عمّ ظلالها فشمل فكّنى عن الشمول بالتموّج ، لأن الظلمة إذا تموّجت شملت أماكن كثيرة ، كما أنّ المراد من قوله واشتّد كلبها ، أي شرّها وأذاها.
٤ ـ الرضي : نهج البلاغة ، الخطبة ٩٣.