مقامه باليمن أربعين فرسخاً (١).
إلى غير ذلك من الاُمور التي أغضبت جمهور المسلمين وأثارتهم ، حتى اجتمع المسلمون من المصريين والكوفيين والبصريين ، وجمهور المهاجرين والأنصار للاحتجاج عليه بتبيين سوء مواقفه وأعماله وجنايات عمّاله في البلاد ، ولكن كان ردّ فعله تجاه هاتيك الاحتجاجات ، سلبياً فلم يستجب لطلباتهم ، بل غضب على كل من احتجّ عليه بسوء فعله أو فعل ولاته ، ولكن كثرة السخط والنقد على الخليفة ، شحنت النفوس نقمة وغضباً ، فانفجرت ثورة عارمة لم تجمد إلاّ بقتله في عقرداره.
والمهاجرون والأنصار ومن تبعهم باحسان بين مجهز عليه ، أو مؤلَّب ضدّه ، أو مستبشر بمقتله ، أو صامت رهين بيته ، محايد عن الطرفين (٢).
إنّ هذه الأحداث الكبيرة لو اتّفقت في أيّ عصر من العصور التي يسود فيها الحكم الاسلامي لأثّرت نفسَ الأثر الذي خلَّفْته في عهد عثمان ولقلبت الاُمور رأساً على عقب.
ومع ذلك ترى أنّ بعض المؤرخين يريدون تبرير عمل الخليفة وانّ الثورة ضدّ الخليفة لم تكن ثورة شعبية دينية نابعة من أوساط المهاجرين والأنصار ومن تبعهم باحسان في مصر والعراق ، ويزعمون انّ عبدالله بن سبأ هو الذي جهّز المصريين وكدّر الصفو على الخليفة ، وانّه وأتباعه كانوا وراء قتل الخليفة
__________________
١ ـ الشهرستاني : الملل والنحل ١ / ٢٦.
٢ ـ الطبري : التاريخ ٣ / ٣٩٩.