المتبادر من الخوارج لدى المسلمين هو المحكّمة الاُولى الذين ثاروا على عليّ في ثنايا حرب صفّين وخرجوا عن الطاعة بوجه وعن الدين بوجه آخر ، غير أنّ بعض الاباضيين في العصر الحاضر يفسّره بالخروج عن الدين ويصّر على أنّ المراد منه هو أصحاب الردّة بعد وفاة رسول الله أو الثورات الاُخرى التي وقعت إلى انتهاء خلافة الإمام علي عليهالسلام (١).
قال علي يحيى معمر :
« كان الأمويّون والشيعة يحاولون بكل ما استطاعوا أن يلصقوا هذا اللقب لقب الخوارج ـ بعد أن فسّر بالخروج من الدين ـ بهؤلاء الثائرين الذين ينادون في اصرار وشدّة بالمبادىء العادلة في الخلافة ، وكان الشيعة يحاولون بما اُوتوا من براعة أن يحصروها في بيت علي ، كما كان غير هم من الطامعين فيها ، يشترط لها الهاشمية أو القرشية أو العروبة ، حسب المصلحة السياسية لأصحاب الآراء في ذلك الحين ، وكلّ هذه الاّتجاهات تجتمع على محاربة الاّتجاه الذي اتجه إليه أتباع عبدالله بن وهب الراسبي. ذلك الاّتجاه العادل الذي يرى أن ّ المسلمين متساوون في الحقوق والواجبات. ( إنَّ أكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أتْقاكُم ). « لا فضل لِعربيّ على أعجميّ إلاّ بالتقوى ».
يلاحظ عليه :
أنّ النبيّ الأكرم لم يتكلّم عن الخوارج بوصف كلّي وإنّما عيّن إمامهم وأشار إلى قائدهم ، وقد رواه المحدّثون في صحاحهم ومسانيدهم وأطبق على نقله الفريقان ، فلا يمكن لمحدّث واع انكاره ، ولا التشكيك في صحّة أسانيده ، فما ظنّك بحديث رواه البخاري ومسلم وابن ماجة وأحمد بن حنبل وغيرهم ،
__________________
١ ـ علي يحيى معمر : الاباضية في موكب التاريخ ، الحلقة الاُولى ٢٧.