بعض الليالي ، بيّتوا عثمانَ بن حنيف فأسَروَه وضربوه ونتفوا لحيته ، ثم إنّ القوم استرجعوا وخافوا على مخلَّفيهم بالمدينة من أخيه : سهل بن حنيف وغيره من الأنصار ، فخلوا عنه وأرادوا بيت المال فمانعهم الخُزّان والموكّلون به فقتل منهم سبعون رجلا من غير جرح ، وخمسون من السبعين ضربت أعناقهم صبراً من بعد الأسر ، وقتلوا حكيم بن جبلة العبدي وكان من سادات عبد القيس ، وزهّاد ربيعة ونُسّاكها وتشاح طلحة والزبير في الصلاة بالنّاس ، ثمّ اتّفقوا على أن يصلّي بالناس عبدالله بن الزبير يوماً ومحمّد بن طلحة يوماً في خطب طويل كان بين طلحة والزبير.
وقف الامام على أنّ المتآمرين خرجوا من مكّة قاصدين البصرة ، فاهتم الامام بايقافهم في الطريق قبل الدخول إليها فسار من المدينة بعد أربعة أشهر من بيعته في سبعمائة راكب ، منهم أربعمائة من المهاجرين والأنصار ، منهم سبعون بدريّاً وباقيهم من الصحابة ، وقد كان استخلف على المدينة سهل بن حنيف الأنصاري ، فانتهى إلى الربذة بين مكّة والكوفة ، وكان يترقّب إلقاء القبض على رؤوس الفتنة قبل الدخول الى البصرة ، لكن فاته ما يترقّب لأنّهم سبقوا الامام في الطريق ولحق بعلي من أهل المدينة ، جماعة من الأنصار ، فيهم خزيمة بن ثابت ذوالشهادتين وأتاه من طىّ ستمائة راكب (١).
خرج عثمان بن حنيف من البصرة ، وقدم على علي عليهالسلام بالربذة ، وقد نتفوا رأسه ولحيته وحاجبيه ، فقال : يا أميرالمؤمنين بعثتني ذا لحية ،
__________________
١ ـ المسعودي : مروج الذهب ٣ / ١٠٣ ـ ١٠٤ طبعة بيروت. الطبري : التاريخ ٣ / ٤٨٥. واللفظ للأوّل ، وفي لفظ الطبري زيادات تركناها روماً للاختصار.