الّذي يظهر من الطائفة البيهسيّة من الخوارج ، لزوم معرفة جميع العقائد الاسلامية تفصيلاً وانّه لولا هذه المعرفة لما دخل الانسان في عداد المسلمين ، قالوا : لاُيسلِم أحد حتى يُقر بمعرفة الله ، وبمعرفة رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم وبمعرفة ما جاء به محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم جملة ، والولاية لأولياء الله سبحانه ، والبراءة من أعداء الله ـ جلّ وعلا ـ وما حرّم الله سبحانه ممّا جاء فيه الوعيد فلا يسع الانسان إلاّ علمه ومعرفته بعينه وتفصيله (١).
ويظهر هذا القول من بعض علمائنا الامامية. قال العلاّمة الحلّي : أجمع العلماء على وجوب معرفة الله وصفاته الثبوتية وما يصحّ عليه وما يمتنع عنه والنبوّة والامامة والمعاد بالدليل لا بالتقليد (٢).
وفي الوقت نفسه هناك من قال منهم بكفاية الاقرار (الا المعرفة) بما جاء من عند الله جملة (٣).
ويظهر هذا القول من الاباضية ، قال محمّد بن سعد الكدمي ـ وهو من علماء الاباضية في القرن الرابع ـ : « اعلموا أنّ الجملة الّتي دعا إليها محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وكذلك من دعا إلى دين الله بعد موت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ممّا لايسع الناس جهله ، وهو الاقرار بالله ، انّه واحد ، وانّه ليس كمثله شيء ، وانّ محمّداً عبده ورسوله ، وانّ جميع ماجاء
__________________
١ ـ يراجع الفصل التاسع : الفرقة الثالثة : البيهسية.
٢ ـ العلاّمة الحلي : الباب الحادي عشر ٢.
٣ ـ لاحظ عقائد الفرقة البيهسية المنسوبة لأبي بيهس في هذا الفصل ويحتمل أن يكون المراد من « جملة » هو الاعتقاد الاجمالي بما جاء به الرسول فلا يدل على لزوم المعرفة التفصيلية ولكن يخالفه ذيله الصريح في لزومها.