كانت تقف في طريقه لتولّي سدّة الحكم ، لكنّه كان غافلا عن أنّ البذرة التي بذرها في صفّين لأجل إيجاد الفرقة في صفوف جيش عليّ عليهالسلام سوف تنمو ويأكل من ثمرها وتكون عليه ضدّاً ، فإن تسليم الحسن الحكم لمعاوية ، ومبايعة أهل العراق له قد أغضب رؤوس الخوارج المختفين في جيش الحسن والمتفرّقين في البلاد ، إذ شعروا أنّ هذا التصالح خطر على كيانهم ووجودهم ، ولأجل ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم لمحاربة النظام الجديد كما حاربوا النظام السابق ، فالخوارج كانوا ينظرون إلى عليّ عليهالسلام ومعاوية بمنظار واحد بعد قضية التحكيم وإن كان عليّ عليهالسلام في نظرهم إماماً عادلا محقّاً قبل التحكيم.
وإليك بعض حروبهم في عصر معاوية على وجه الإجمال :
١ ـ خروج فروة بن نوفل : يقول الطبري : وفي هذه السنة سنة ٤١ خرجت الخوارج التي اعتزلت أيام عليّ عليهالسلام بـ « شهرزور » على معاوية ، فلمّا قدم معاوية العراق قبل أن يبرح الحسن من الكوفة حتى نزل النخيلة فقالت الحرورية الخمسمائة التي كانت اعتزلت بـ« شهرزور » مع فروة بن نوفل الأشجعي : قد جاء الآن ما لا شكّ فيه ، فسيروا إلى معاوية نجاهده ، فأقبلوا وعليهم فروة بن نوفل حتى دخلوا الكوفه فأرسل اليهم معاوية خيلا من خيل أهل الشام فكشفوا أهل الشام ، فقال معاوية لأهل الكوفة : لاأمان لكم والله عندي حتى تكّفوا بوائقكم ، فخرج أهل الكوفة إلى الخوارج فقاتلوهم ، فقالت لهم الخوارج : ويلكم ما تبغون منّا ، أليس معاوية عدوّنا وعدوّكم ، دعونا حتى نقاتله وإن أصبناه كنّا قد كفينا كم عدوّكم ، وإن أصابنا كنتم قد كفيتمونا ، قالوا : لا والله حتى نقاتلكم ، فقالوا : رحم الله اخواننا