البذرة ، وحاصد نتائجها الدنيوية ، وحافر تلك الحفرة والواقع فيها ، وطلباً للاكمال نشير إلى الانتفاضات الواقعة بعد عهد معاوية بوجه موجز.
اغتيل الإمام علي عليهالسلام بيد أشقى الأوّلين والآخرين على ما وصفه الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم في حديثه (١) وقضى نحبه فبويع الحسن خليفة بعد أبيه وتمّت له البيعة في رمضان سنة أربعين ، وكان معاوية يتحّين الفرص ليسيطر على العراق كما سيطر على مصر ويأخذ بمقاليد الحكم ، وقد أعطاه قتل الإمام فرصة لبسط نفوذه على العراق وخلع الحسن عن الحكم ، فقدّم أمامه عبدالله بن عامر ليفتح الطريق إلى معاوية ، ثمّ غادر هو الشام متوجّهاً إلى العراق.
ولمّا وقف الحسن على خطّة معاوية وانّه بصدد مواجهته بالقوّة العسكرية قدّم كتائب من جيشه وعلى رأسهم كتيبة قيس بن سعد بن عباده ، وخرج هو من الكوفة حتى نزل المدائن مستعدّاً لمواجهة معاوية ، غير أنّ الحوادث المريرة ـ التي ليس المقام مناسباً لذكرها ـ خيَّبتْ أمله ، فلم يَر بدّا من التنازل عن الحكم وتسليم الأمر إلى معاوية من خلال وثيقة الصلح ، وكيف لايكون مضطرّاً إلى التصالح وقد أعرب عن اضطهاده وتخاذل أصحابه ونهب ماله قبل مواجهة العدوّ ، فقام خطيباً وقال : « يا أهل العراق انّه سخّى بنفسي عنكم ثلاث : قتلكم أبي ، وطعنكم إيّاي وانتهابكم متاعي »(٢).
أخذ معاوية بمقاليد الحكم وكان يتبجّح بأنّه أزال جميع الموانع التي
__________________
١ ـ سبط ابن الجوزي : تذكرة الخواص ١٥٨.
٢ ـ الطبري : التاريخ ٤ / ١٢٢ وقد ذكر الطبري صورة وثيقة الصلح في ذلك المقام ولكن ما ذكره لايشتمل على جميع بنود الصلح ومن أراد التفصيل فليرجع إلى كتاب صلح الحسن للشيخ راضي آل ياسين.