قد تعرّفت على أنّ الخوارج يعدّون مخالفيهم مشركين وكافرين ، فعلى قول الأزارقة جماهير المسلمين رجالاً ونساءً مشركون ومشركات ، وعلى قول غيرهم فهم كافرون وكافرات ، فحكم تزويج حرائرهم حكم تزويج الوثنيات والكتابيات ، ولأجل ذلك نذكر بعض كلماتهم ثم نعرض المسألة على الكتاب والسنّة.
كتب ابن الأزرق إلى عبد الله بن صفار وعبد الله بن اباص كتاباً جاء فيه :
وقال تعالى ( لاَ تَنْكِحُواْ الْمُشْرِكَـتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ ) فقد حرّم الله ولايتهم والمقام بين أظهرهم واجازة شهادتهم واكل ذبائحهم وقبول علم الدين عنهم ومناكحتهم ومواريثهم (١).
وقد تقدّم في بيان عقائد الصفريه أنّه نقل عن الضحاك الّذي هو منهم أنّه جوّز تزويج المسلمات من كفّار قومهم في دار التقيّة دون دار العلانية. ويريد من المسلمات : الحرائر من الخوارج. ومن « كفّار قومهم » : رجال سائر الفرق الاسلامية.
ويظهر من الخلاف الّذي حدث بين الابراهيمية والميمونية أنّه يجوز بيع الجارية المؤمنة (الخارجية) من الكفرة أي المسلمون من سائر الفرق.
هذا ما وقفنا عليه من كلماتهم ونبحث عن المسألة بكلتي صورتيها :
اتّفق علماء الإسلام على تحريم تزويج المشركات. قال ابن رشد : « واتّفقوا على أنّه لايجوز للمسلم أن ينكح الوثنية لقوله تعالى : ( وَلاَ تُمْسِكُواْ
__________________
١ ـ الطبري : التاريخ ٤ / ٤٣٨ ـ ٤٤٠.