ولا في قومنا؟ والله تعالى يقول : ( أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَـئِكُمْ أَمْ لَكُم بَرَآءَةٌ فِى الزُّبُرِ ) (١) وهؤلاء كمشركي العرب ، لا يقبل منهم جزية وليس بيننا وبينهم إلاّ السيف أو الإسلام (٢).
عزب عن المسكين ، أوّلاً : إنّ تسميتهم بالكفّار ليس باعتبار أنّهم في حال كونهم معدومين كفّاراً فإنّ ذلك باطل بالاتّفاق ، إذ كيف يوصف الشيء المعدوم بوصف من الأوصاف الوجودية ، بل المراد انّ الأبناء بعد خروجهم إلى عالم الوجود سيصيرون كفّاراً لنشوئهم في أحضان آبائهم الكافرين وامّهاتهم الكافرات ، فللوراثة والبيئة تأثيرهما في الأولاد ، فلا يلدون في المستقبل إلاّ اُناساً يصيرون كفّاراً نظير توصيف الأشجار بالمثمرة في فصل الشتاء ، والمراد : المثمرة في فصل الثمر.
وثانياً : إنّ الذراري والنساء وان كانت محكومات بالكفر ولكن علمت أنّ النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم حرّم دماءهم وانّما سوّغ سبيهم واسترقاقهم ، فليس كلّ كافر يجوز قتله. فما ذكره من الاستدلال أوهن من بيت العنكبوت.
وثالثاً : إنّ كلّ ذلك في حق المشركين والكّفار الحقيقيين ، فما معنى تسرية هذه الأحكام إلى أهل القبلة والمسلمين الذين يشهدون بتوحيده ورسالة نبيّه ويقيمون الصّلاة ويعطون الزكاة ويصومون شهر رمضان ويحجّون البيت. أفيصحّ لنا تسمية هؤلاء كفّاراً ، بحجّة ارتكابهم معصية كبيرة؟!
__________________
١ ـ القمر : ٤٣.
٢ ـ لاحظ رسالة ابن الأزرق في جواب رسالة نجدة بن عامر ، وقد مرّت في الفصل التاسع.