وجئتك أمرد ، فقال : أصبتَ خيراً وأجراً (١).
واتصلت بيعة علي بالكوفة : وغيرها من الأنصار ، وكانت الكوفة أسرعها إجابة إلى بيعته ، وأخذ له البيعة على أهلها ـ على كره ـ أبوموسى الأشعري حين تكاثر الناس عليه ، وكان عاملا لعثمان عليها (٢).
لمّا وقف الامام على ماجرى على عثمان بن حنيف وحَرَسِه ، بعثَ بعض أصحابه بكتاب إلى أبي موسى الأشعري يطلب منه استنهاضه للناس ، ولكنّه تهاون في الأمر ولم يَقُم بواجبه بعدما أخذ البيعة له ، واعترف بإمامته ، وقال للناس : إنّها فتنة صمّاء ، النائم فيها خير من اليقضان ، واليقظان فيها خير من القاعد ، والقاعد خير من القائم ، والقائم خير من الراكب ، فكونوا جرثومة من جراثيم العرب ، فاغمدوا السيوف ، وانصلوا الأسنَّة ، واقطعوا الأوتار ، وآووا المظلوم والمضطهد حتى يلتئم هذا الأمر ، وتتجلّى هذه الفتنة.
ولّما بلغ عليّاً خذلان أبي موسى الأشعري ، وانّه يصف محاربة الناكثين بالفتنة ، بعث هاشم بن هاشم المرقال وكتب الى أبي موسى : « إنّي لم اُولِّك الذي أنت به إلاّ لتكونَ من أعواني على الحق .... »
وكان أبوموسى من أوّل الأمر عثمانّي الهوى وقد أخذ البيعة لعلي على الناس بعد اكثار الناس عليه ـ كما تقدم ـ فلأجل ذلك بقى على ما كان عليه من الحياد ، ولم يُنهِض الناس ، واستشار السائب بن مالك الأشعري فأشار هو باتباع الإمام ومع ذلك لم يقدم عليه (٣).
فكتب هاشم إلى علىّ ، امتناع أبي موسى من الاستنفار.
__________________
١ ـ الطبري : التاريخ ٣ / ٤٩٥.
٢ ـ المسعودي : مروج الذهب ٣ / ٩٧.
٣ ـ الطبري : التاريخ ٣ / ٥٠٣.