وأظن وظن الألمعي يقين انّ الكاتب توخّياً لإيجاد القرب بين الاباضية وأهل السنّة تنازل إلى حدّ غير مطلوب ، ولم يقم بالدفاع عن مذهبه بحماس.
نعم قد أحسن في المقام صالح بن أحمد الصوافي ، فقد طرح المسألة بشكل رصين ، ودفع شبهة القائلين في المقام ، ترى أنّه قام بتفسير قوله سبحانه : ( وُجُوهٌ يَوْمَئذ ناضِرَةٌ * إلى رَبِّها ناظِرَةٌ ) (١) ، الذي هو من أهم أدلّة القائلين بالرؤية ، فقال :
« أوّلا : النظر في اللغة غير الرؤية ، ولذا يقال : نظرت إلى الهلال فلم أره ، ولايصحّ أن يقال رأيته فلم أره ، واطلاقه على الرؤية مجاز ، لايصحّ إلاّ لقرينة ، والعدول عن الحقيقة إلى المجاز خلاف الظاهر.
ثانياً : إنّ سياق الآية دال على انتظار رحمة الله تعالى بدليل أنّه عطف عليها قوله : ( ووجُوهٌ يَوْمَئِذ باسِرَةٌ * تَظُنُّ أنْ يُفْعَلَ بَها فاقِرَةُ ) (٢) فلو فسّر النظر في الآية بالرؤية لارتفعت المناسبة بين الجملتين ولتداعى بناؤها واختلّ نظمها ، إذ لامناسبة بين عيون رائية ربّها ووجوه باسرة تظن أن يفعل بها فاقرة (٣).
ثالثاً : إنّ النظر في الآية انتظار ما لهم عند الله من الثواب ، ومنه قول الشاعر :
فإن يك صدر هذا اليوم ولّى |
|
فإنّ غداً لناظره قريب |
وقول الآخر :
كلّ الخلائق ينظرون سجاله |
|
نظر الحجيج إلى طلوع هلال |
__________________
١ ـ القيامة : ٢٢ ـ ٢٣.
٢ ـ القيامة : ٢٤ ـ ٢٥.
٣ ـ صالح بن أحمد الصوافي : الإمام جابر بن زيد العماني : ٢٣٨ وقد أوضحنا هذا الوجه في الجزء الثاني من هذه الموسوعة (لاحظ ص ٢٠٢ ـ ٢٠٨).