احفظوا ذمّة نبيّكم.
قال المبّرد : وحدثت أنّ واصلَ بن عطاء أقبل في رفقة فاحسُّوا بالخوارج ، فقال واصل لأهل الرفقة : إنّ هذا ليس من شأنكم فاعتزلوا ودعوني وإيّاهم ، وكانوا قد أشرفوا على العطب. فقالوا : شأنّك ، فخرج إليهم ، فقالوا : ما أنت واصحابك فقال : قوم مشركون مستجيرون بكم ليسمعوا كلام الله ، ويفهموا حدوده. قالوا : قد أجرناكم ، قال : فعلِّمُونا ، فجعلوا يعلِّمُونَهم أحكامَهم ، ويقول واصل : قد قبلت أنا ومن معي. قالوا : فامضوا مصاحبين فقد صرتم اخواننا. فقال : بل تبلغوننا مأمننا. لأنّ الله تعالى يقول : « وانْ إحدٌ مِنَ المُشْرِكُينَ استَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتى يَسمَعَ كلامَ الله ثُمَّ اَبْلِغْه مأْمَنَهُ » (١) فنظر بعضم إلى بعض ، ثم قالوا : ذاك لكم ، فصاروا معهم بجمعهم حتّى ابلغوهم المأمن (٢).
ومع ذلك قتلوا عبدالله بن خباب بن الارت ـ كما سوافيك بيانه في الفصل القادم ـ وبقروا بطن زوجته المتم.
وأمّا السياسة الحكيمة التي مارسها الإمام ازاء أعمالهم قبل تحركاتهم العسكرية فقد وقفت على رؤوسها ، وإليك الإيعاز إليها ثانياً ليقع مقدمة للشرح والتبيين.
١ ـ تبيين موقفه في مسألة التحكيم ، وانّه لم يكن راضياً به وفرض عليه بارهاب.
٢ ـ التعامل معهم كسائر المسلمين.
__________________
١ ـ التوبة : ٦.
٢ ـ المبرّد : الكامل ٢ / ١٢٢ مكتبة المعارف بيروت ، وابن أبي الحديد : شرح نهج البلاغة ٢ / ٢٨١ ، والمبرد متهم ـ عند ابن أبي الحديد ـ بالميل إليهم ، ولكنا سبرناكامله ، فلم نر شيئاً يدلّ عليه ، غير انّه سرد تاريخهم وفي بعض الموارد طعن بهم.