فأجاب علي إلى كل ما سأل وطلب منه (١).
نزل الإمام علي منطقة صفّين في أوّليات ذي الحجة عام ٣٦ ، والشهر من الأشهر الحرم ، وبعث إلى معاوية يدعوه إلى إجتماع الكلمة والدخول في جماعة المسلمين ، فطالت المراسلة بينهما فاتّفقوا على الموادعة إلى آخر محرّم سنة سبع وثلاثين.
ولمّا انقضى شهر محرّم ، بعث علي إلى أهل الشام إنّي قد احتججت عليكم بكتاب الله تعالى ، ودعوتكم إليه ، وإنّي قد نبذت إليكم على سواء ، إنّ الله لا يهدي كيد الخائنين. فما كان جوابهم إلاّ قولهم : السيف بيننا وبينك حتى يهلك الأعْجزُ منّا.
أصبح عليّ يوم الأربعاء وكان أوّلَ يوم من شهر صفر ، فعبّأ الجيش وأخرج الأشتر أمام الجيش ، فأخرج إليه معاوية حبيب بن مسلمة الفهري ، وكان بينهم قتال شديد وأسفر عن قتلى بين الفريقين جمعياً.
امتدت الحرب كل يوم إلى عاشر ربيع الأوّل عام سبع وثلاثين وكان النصر حليفه في كل يوم إلى أن لم يبق للعدو إلاّ النفس الأخير ، فعنذاك قام علي ينادي :
ياالله ، يا رحمن ، يا رحيم ، يا واحد ، يا أحد ، يا صمد ، يا الله ، يا الله ، اللّهُمّ إليك نقلتِ الأقدام ، وأفضتِ القلوب ، ورفعت الأيدي ، وامتدّت الأعناق ، وشخصت الأبصار ، وطلبت الحوائج ، اللّهُمّ إنّا نشكو إليك غيبة نبيّنا ، وكثرة عدوّنا وتشّتت أهوائنا ، ربّنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين ، ثم قال :
سيروا على بركة الله ، ثم لا إله إلاّ الله ، والله أكبر ، كلمة التقوى.
__________________
١ ـ ابن مزاحم : وقعة صفّين ١٥٧ ـ ١٦٢.