وقطع على خطام الجمل سبعون يداً من بني ظبّة ، منهم : كعب بن سور القاضي ، كلّما قطعت يد واحد منهم فصرع ، قام آخر فأخذ الخطام ، ورمي الهودج بالنبل ، حتى صار كأنّه قنفذ ، وعُرْقبَ الجمل ولمّا سقط ووقع الهودج ، جاء محمّد بن أبي بكر فأدخل يده ، فقالت : « من أنت؟ » فقال : أخوك ، يقول أمير المؤمنين هل أصابك شيء ، قالت : « ما أصابني إلاّ سهم لم يضرَّني » فجاء علي حتى وقف عليها وضرب الهودج بقضيب وقال : « يا حميراءُ أرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أمركِ بهذا ، ألم يأمركِ أن تقرّي في بيتكِ ، والله ما أنصفكِ الذين أخرجوك إذ صانوا حلائلهم ، وأبرزوك » وأمر أخاها محمداً ، فأنزلها دار صفيّة بنت الحارث بن طلحة.
ولمّا وضعت الحرب أوزارها جهّز علي عليهالسلام عائشة للخروج إلى المدينة فقالت له : « إنّي اُحبّ أن اُقيم معك فأسير إلى قتال عدوّك عند مسيرك » فقال : « ارجعي إلى البيت الذي تركك فيه رسول الله » فسألته أن يؤمّن ابن اختها عبدالله بن الزبير ، فأمَّنه ، وتكلّم الحسن والحسين في مروان ، فأمَّنه ، وأمّن الوليد بن عقبة ، وولد عثمان وغيرهم من بني اُميّة وامّن الناس جميعاً ، وقد كان نادى يوم الوقعة « مَنْ ألقى سلاحه فهو آمن ، ومن دخل داره فهو آمن ».
وكانت الوقعة في الموضع المعروف بالخريبة وذلك يوم الخميس لعشر خلون من جُمادى الآخرة سنة ٣٦ وخطب على الناس بالبصرة بخطبة ، وقد قتل فيها ، من أصحاب علي عليهالسلام خمسة آلاف ومن أصحاب الجمل ثلاثة عشر ألف رجل ، وكان بين خلافة علي ووقعة الجمل خمسة أشهر وواحد وعشرون يوماً.
وولّى على البصرة ، عبدالله بن عباس ، وسار إلى الكوفة فدخل إليها في