١ ـ إنّه سبحانه قسّم الكافر إلى مشرك وغيره وقال : ( لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتابِ والمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الَبَيِّنَةُ ) (١) وقال سبحانه : ( لَتَجِدَنَّ اَشَدَّ النّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُو اليَهُودَ وَالَّذِينَ اَشْرَكُوا ) (٢) كلّ ذلك يدلّ على أنّ للمشرك معنىً محدداً لاينطبق على الكافرين من أهل الكتاب فضلاً على المسلم المعتقد بكل ما جاء به الرسول ، إذا ارتكب كبيرة لا لاستهانة بالدين بل لغلبة الهوى على العقل ، فكيف يمكن أن نعدّ كلّ كافر مشركاً ، فضلاً أن نعدّ المسلم المرتكب للكبيرة مشركاً؟
ثمّ لو افترضنا صحّة كون أهل الكتاب مشركين في الحقيقة وفي الواقع ، كما هو غير بعيد لقوله سبحانه : ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالّوا إِنَّ اللهَ ثاِلثُ ثَلاثَة وما مِنْ إِله إِلاّ إِلهٌ واحِدٌ ) (٣) ولكنّه اصطلاح ثانوي لايكون منافياً لما جرى عليه القرآن من عدّ أهل الكتاب في مقابل المشركين.
ويظهر ذلك من الروايات الواردة حول الرياء فإنّ المرائي ، قد وصف بالشرك ، ولكنّه شرك خفي لاصلة له بالشرك المصطلح في القرآن الكريم.
روى علي بن إبراهيم في تفسيره عن أبي جعفر الباقر قال : سئل رسول الله عن تفسير قوله الله عزّوجل : ( فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ اَحَدَاً ) (٤) فقال من صلّى مراءاة الناس فهو مشرك ـ إلى أن قال ـ ومن عمل عملاً ممّا أمر الله به مراءاة الناس ، فهو مشرك ، ولا يقبل الله عمل مراء (٥).
__________________
١ ـ البينة : ١.
٢ ـ المائدة : ٨٢.
٣ ـ المائدة : ٧٣.
٤ ـ الكهف : ١١٠.
٥ ـ الحر العاملي : وسائل الشيعة ١ ، الباب الحادي عشر من أبواب مقدمات العبادات ١٣ ـ ٥٠.