ولكن ذلك مصطلح آخر ، أو استعارة له للمورد لتأكيد الأمر لما عرفت من أنّ المشرك في القرآن الكريم يطلق على غير المعتنقين لاحدى الشرائع السماوية ، من غير فرق بين اليهود والنصارى وغيرهم.
٢ ـ إنّ الشرك عبارة عن تصوّر ندٍّ وثان لله سبحانه في ذاته أو صفاته أو أفعاله ، قال سبحانه : ( فَلا تَجْعَلُوا لله اَنْدَاداً وانْتُمْ تَعْلَمُونَ ) (١) وقال سبحانه : ( ومنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ الله أنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ الله ) (٢) وقال تعالى : ( وجعَلُوا لله أنْدَاداً لِيُضلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ ) (٣) إلى غير ذلك من الآيات الّتي تشرح لنا حقيقة الشرك وخصوصياته (٤).
ولأجل تصوّر الندِّ والمثل لله سبحانه في الذات أو الصفات أو الأفعال ، كانوا يعبدون الأصنام بحكم انّها أنداد لله تبارك وتعالى ، فكانوا يساوونها بالله تعالى في العقيدة والعبادة ، قال تعالى : ( تَالله إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالِ مُبِين * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ العَالَمِينَ ) (٥).
فعلى ضوء ذلك فلا يصحّ لنا توصيف إنسان بالشرك وعدّه من المشركين إلاّ إذا اعتقد بندٍّ لله تبارك وتعالى ولو في مرحلة من المراحل ، ولأجل هذه العقيدة كان المشركون يفرّون من كلمة ( لا إله إلاّ الله ) لكونها على جانب النقيض من عقيدتهم ، قال سبحانه : ( إنَّهُمْ كَانوا اِذا قيلَ لَهُمْ لاَ إِلهَ إلاَّ الله يَسْتَكْبْرُونَ * ويقُولُونَ أئِنَا لَتارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِر مَجْنُون ) (٦).
__________________
١ ـ البقرة : ٢٢.
٢ ـ البقرة : ١٦٥.
٣ ـ إبراهيم : ٣٠.
٤ ـ لاحظ : سورة سبأ / ٣٣ ، الزمر / ٨ ، فصلّت / ٩.
٥ ـ الشعراء : ٩٧ ـ ٩٨.
٦ ـ الصافّات ٣٥ ـ ٣٦.