يلاحظ عليه : أنّه مجرد استحسان وتحليل حدسي لم يقترن بدليل ، وقد عرفت اقتران الرجلين في الولادة والوفاة وظهور عبدالله بن اباض في الدعوة أيّام يزيد بن معاوية ، ولم يكن يومذاك اسم من جابر ولاخبر.
ثمّ إنّ الكاتب لمّا رأى أنّ المذهب منتم إلى ابن اباض طيلة قرون ، حاول أن يصحّح وجه النسبة إليه وإنّه كان فرداً واحداً من القعدة ، وذلك بوجهين :
١ ـ إنّ هذه الجماعة لم تطلق على نفسها اسم الاباضية بل كانوا يسمّون أنفسهم أهل الدعوة أو جماعة المسلمين.
٢ ـ إنّ تسمية الاباضية إنّما أطلقها على هذه الجماعة مخالفوهم في فترات تالية ، وربّما كان الأمويّون كما يرى البعض هم الذين أطلقوا عليهم هذا الاسم نسبة إلى عبدالله بن اباض لأنّ الأخير كان من علمائهم وشجعانهم والمناظر باسمهم ، كما أنّ الأمويّين لايريدون نسبة هذه الفرقة إلى جابر حتى لايجذبوا إليه الأنظار ، ولايبدو في حياة جابر المشرقة ، فتميل إليهم النفوس ، فنسبوهم إلى عبدالله بن اباض وهو أقلّ منزلة من جابر في العلم وان كان لايقلّ عنه في التقوى والورع والصلاح (١).
ولا يخفى ضعف الوجهين : أمّا الأوّل فلأنّ الهدف من التسمية هو التعرّف على المسمّى ، ومن المعلوم أنّ اللفظين المذكورين لفظان عامّان لايكونان مشيرين إليه.
وأمّا الثاني : فمجرّد حدس لادليل عليه ، ولم يكن جابر بن زيد من المشاهير والأعلام بين العلماء والمحدّثين حتى تكون التسمية باسمه موجباً للانجذاب ، بشهادة انّه ليس لجابر روايات وافرة في الصحاح والمسانيد.
__________________
١ ـ الدكتور صالح بن أحمد الصوافي : الإمام جابر بن زيد ١٦١ ـ ١٦٢ نقلا عن تاريخ المغرب الكبير ، لمحمّد علي دبوز ٢ / ٢٩٨.