زيد ، وانضووا تحت قيادته بعد أن انتهى دور عبدالله بن اباض ، فبعد أن رأوا مدى القوَّة التي ينعم بها هذا الفقيد الأزدي بسبب مساندة الأزد له ، لدرجة انّ الحجّاج المشهور بالبطش والعنف لم يجرأ على قتله عندما عرف صلته بالاباضية واكتفى بنفيه إلى بلدة عمان ولم يلبث أن عاد منها إلى البصرة مرّة اُخرى ، ولم يتعرّض له الحجاج في كثير أو قليل (١).
ويقول في موضع آخر : ولمّا أحسّ الحجاج بنشاط جابر بن زيد الذي تولّى أمر جماعة القعدة بعد عبدالله بن اباض ، ألقى به في السجن ثم نفاه إلى عمان ، ولمّا عاد منها ، ألقى به في السجن مرّة ثانية ، كما سجن قيادات القعدة الآخرين (٢).
وهناك نظرية ثالثة وهي أنّ الرجلين كانا متعاصرين ، غير أنّ المصلحة الزمنية كانت توجب اختفاء جابر وظهور عبدالله بن اباض في الساحة. يقول الدكتور صالح بن أحمد الصوافي : « لقد آثرت الجماعة أن يظل أمر جابر مستوراً ولعلّ مرجع ذلك مارأوه من عظم الخسارة فيما لو اشتهر أمر جابر وأخذوه بالشدّة ، فإنّ ذلك يفقد الجماعة عقلها المدبّر وزعيمها الحقيقي ، ولقد بالغ جابر في التخفّي حتى قدّم سواه للتحدّث باسم الجماعة ومُناظرة خصومه ، وكان عبدالله بن اباض أحد اُولئك الذين تحدَّثوا كثيراً باسمهم حتى لقد ظن انّه الزعيم الحقيقي للجماعة فنسبها الآخرون إليه ، وعرفوها بأنّها جماعة الاباضية مع أنّ عبدالله بن اباض لم يكن إلاّ واحداً من أفرادها قدّمه زعيمها ـ جابر بن زيد ـ للتحدّث عنهم ومناظرة خصومهم » (٣).
__________________
١ ـ الاباضية في مصر والمغرب : ٢٠٠.
٢ ـ الاباضية في مصر والمغرب : ٣٣.
٣ ـ صالح بن أحمد الصوافي : الإمام جابر بن زيد العماني ١٥٣.