بالمؤمنين ، وتهدَّمَتْ هذه الاُخوّة التي قامت على الدين حتى يجدّد ايمانه بربّه ، ويستغفرالله من ذنبه ، ويصل حبال قلبه بفاطر السموات والأرض ، فإذا فعل ذلك ، رجعت منزلته بين اخوانه كما كانت ، وعزَّتْ نفسه بينهم بعد أن هانت ( ولِلِّهِ العِزّةُ ولرَسُولِهِ وللمُؤْمِنِينَ ).
إنّ المسلم الذي يعلن بين الملأ قول « لا إله إلاّ الله ، محمّد رسول الله » ، ثمّ يجترئ على أوامر الله فيتخلّى عن واجباته ، أو يقدم على ارتكاب المحظورات ... لايحقّ أن يكرم بالتساوي مع الصادقين ولا يمكن أن تشمله المحّبة في الدين ، بل يجب أن يجد الغلظة من المؤمنين وأن يسمع التقريع والتوبيخ ، وأن يُطْلب الابتعاد عنه ، وأن يُعْلَنَ البراءة منه ، ويُقلَّلَ التعامل معه حتى تضيق عليه الأرض بما رحبت ، ولايجد ملجأ من الله إلاّ إليه ، فأمّا أن يشرح الله صدره للإسلام ، وأن يفتح قلبه للإيمان وأن يسخّر أعضاءه للعبادة ، وأن يباعد بينه وبين المعصية فيتوب ممّا ارتكب ويعود إلى حظيرة الإسلام بالعمل الصالح ، والجهاد المتواصل ، جهاد النفس والهوى ، فترتبط أواصره حينئذ بأواصر الناس ، ويصبح بعد الهداية والتوفيق أخاً في الله.
وأمّا أن يرتكس إلى الشيطان ، ويصّر على العصيان ، ويبتعد عن محاسبة النفس ، ويستمرّ في الغواية والضلال ، وحينئذ لايمكن لأولياء الله أن يحبّوا عدوّالله ، ولا أن يرضوا عمّن جاهره بالمعصية ، وانّ القلوب المؤمنة لتستحي أن تّتجه إلى المليك الديّان لتطلب منه الرحمة والغفران ، لعبيد الشهوات واغوياء الشيطان.
إنّ العصاة الذين يصرّون على ما فعلوا ويجاهرون الله والناس بما ارتكبوا ، انفصلوا بكبريائهم عن ربّهم ، وابتعدوا عن محّبة إخوانهم ، وحادوا الله ورسوله.