الاستثناء (إلا) ، ولما أريد حصرها ذكرت ثانيا بعد (إلا) ، فوجب تأخرها لهذا الغرض المعنوى (الحصر) الذى دلّ عليه دليل لفظى (النفى مع الاستثناء).
ومنه أن تقول : ما رأيت أحمد إلا آكلا ، وما سمعته إلا مقهقها ، وما أحسست به إلا عطوفا. وتقول : إنما أدّوا أعمالهم مخلصين.
٢ ـ أن يكون صاحب الحال مجرورا :
إذا كان صاحب الحال مجرورا بحرف جرّ أو بالإضافة فإنه يمتنع تقدم الحال على صاحبها عند جمهور النحاة ، نحو : خرجت من الدار مفتوحة ، حيث (مفتوحة) حال منصوبة من (الدار) ، وصاحب الحال مجرور بحرف الجر (من) ، فوجب تأخرها عند الجمهور.
ونحو : أعجبنى إجابتك فاهما ، حيث (فاهما) حال منصوبة من كاف المخاطب فى (إجابتك) ، وهو فى محل جر مضاف إليه ، فتأخرت الحال عن صاحبها.
ومما يستشهدون به لذلك : أعجبنى وجهها مسفرة ، حيث (مسفرة) حال من ضمير الغائبة المضاف إليه. وكذلك : هذا شارب السويق ملتوتا.
ولا يجوز أن تتقدم الحال على صاحبها المجرور بالإضافة ؛ لأن المضاف إليه لا يتقدم على المضاف. وإنما يجوز أن تتقدم الحال بجواز تقدم صاحبها.
وما جاء من تقدم الحال على صاحبها المجرور يخرجونه على أوجه أخرى ، ففى قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً) [سبأ : ٢٨](١).
حيث (كافة) بمعنى (جميعا) حال منصوبة ، والواضح أنها من المجرور باللام (الناس) ، ـ ولكن الجمهور يخرجونها على أنها : ـ حال من (كاف المخاطب) المفعول به فى (أرسلناك) ، وتكون (كافة) بمعنى (جامعا للناس) ، والتاء فيه للمبالغة ، ولكن غيرهم يردون هذا.
ـ ويجعلها الزمخشرى نائبة عن المصدر ، فيقدرها : إرسالة كافة للناس.
__________________
(١) بشيرا ونذيرا : حالان من ضمير المخاطب المفعول به.