وحاصل ما سبق من توضيح للاستثناء المنقطع أنه يمكن لنا أن نتلمس ثلاثة تراكيب :
١ ـ أن يكون الاستثناء منقطعا مجازيا موجبا وقد تأخر المستثنى عن المستثنى منه ، ويمكن فيه تسلط العامل على المستثنى ، أى : يمكن أن يوضع المستثنى موضع المستثنى منه ، أى : يجوز أن تطلق لفظ المستثنى منه على المستثنى مجازا ، وهذا يجب فيه نصب المستثنى ، نحو : جاء أولادك إلا أولاد أخيك. فأولاد أخيك مستثنى بإلا ، وهو غير داخل فى المستثنى منه ، لكنه يمكن أن يوضع مكان المستثنى ، ففيه إمكانية تسلط العامل عليه ، فوجب نصبه ، وتلحظ أن الاستثناء موجب.
أما قول الأخطل :
وبالصّريمة منهم منزل خلق |
|
عاف تغيّر إلّا النّؤى والوتد (١) |
حيث رفع (النؤى والوتد) وهما مستثنيان بـ (إلا) من الضمير المستتر الفاعل فى (تغير) على سبيل الإبدال ، والاستثناء منقطع موجب ، لكنه يوجه على حمل (تغير) على معنى (لم يبق على حاله) ، ففيه النفى ، فجاز الرفع على البدلية على مذهب بنى تميم ، كما يذكر فى التركيب الآتى.
٢ ـ أن يكون الاستثناء منقطعا مجازيّا منفيّا وقد تأخر فيه المستثنى ، ويمكن أن يسلط العامل فيه على المستثنى ، نحو قوله تعالى : (ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِ) [النساء : ١٥٧]. حيث يمكن أن يوضع المستثنى موضع المستثنى منه ، فيجوز أن ينطلق لفظ المستثنى منه على المستثنى مجازا.
__________________
(١) ديوانه ١٦٨ / شرح التصريح ١ ـ ٣٤٩ / الارتشاف ٢ ـ ٣١٣ / شرح أبيات المغنى ٥ ـ ١٢٦ / الأشمونى ٢ ـ ١٤٤.
(بالصريمة) جار ومجرور ، وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر مقدم. (منهم) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة فى محل نصب حال من الصريمة. (منزل) مبتدأ مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (خلق) صفة لمنزل مرفوعة ، وعلامة رفعها الضمة. (عاف) صفة ثانية لمنزل مرفوعة ، وعلامة رفعها الضمة المقدرة. (تغير) فعل ماض مبنى على الفتح ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو ، والجملة الفعلية فى محل رفع ، صفة ثالثة لمنزل فى محل رفع. (إلا) حرف استثناء مبنى ، لا محل له من الإعراب. (النؤى) بدل من فاعل تغير مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (والوتد) الواو : حرف عطف مبنى ، لا محل له من الإعراب. الوتد : معطوف على النؤى مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.