موصول مبنى مستثنى بـ (إلّا) من فاعل (شرب) ـ على الأرجح ـ والاستثناء تامّ منفىّ متصل غير مفرّغ ، فجاز فيه الإتباع على الإبدال ، والنصب على الاستثناء.
ـ فى قوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) [الشورى : ٢٣] الاستثناء تام منفى متصل غير مفرغ ، فالمستثنى (المودة) تنصب على البدلية من المفعول به الثانى المنصوب (أجرا) ، أو ينصب على الاستثناء (١).
ـ أما ما يستشهد به بعض النحاة من قول الشاعر المجهول :
تنوط التميم وتأبى الغبو |
|
ق من سنة النّوم إلّا نهارا (٢) |
على أن (تأبى الغبوق إلا نهارا) تقديره : لا تغتذى الدهر إلا نهارا ، فحذف العامل (لا تغتذى) ، وترك المستثنى منه وهو (الدهر) ، فحذف لذلك عامل المتروك. ومنهم من يرى أن التقدير : وتأبى الغبوق والصبوح إلا نهارا ، فحذف المعطوف ، وأبقى المعطوف عليه.
وأرى أن (تأبى) فيه معنى النفى ، والغبوق ملائم للنوم ، أما النهار فهو خارج عن الغبوق والنوم ، فاستحق أن يكون استثناء منقطعا على حد الآية الكريمة : (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) [الدخان : ٥٦] ، على معناها الظاهر.
تنبيه :
إذا حذف المستثنى منه ولم يفرغ العامل لما بعد إلا فإنه يجب أن يقدر وجوده ، ويعرب المستثنى على ذلك ، لكنه يلزم النصب. ففى القول : ما قام زيد إلا عمرا ، يكون التقدير : ما قام زيد ولا غيره إلا عمرا ، فاستثنى (عمرو) من (غيره) المحذوف ، ويكون (غيره) المستثنى منه ، فنصب عمرو لذلك ، فإذا ترك المستثنى منه ولم يفرغ العامل لما بعد (إلا) وجب نصب المستثنى.
__________________
(١) قيل : إنه استثناء منقطع إذ ليست المودة من جنس الأجر ، وعليه فإن المودة تنصب على الاستثناء.
(٢) تنوط : تعلق ، التميم : ما يعلقه الإنسان من عوذة ، وقد تكون خرزة ، الغبوق : الشرب عشيا ، يصف الشاعر امرأة بالتنعم حيث تأبى أن تغتبق حتى لا يعوقها عن الاضطجاع للراحة.