لكن بعضهم قد جوّز أن يعود كل المستثنيات من الاسم الأول ، فلو أنك استثنيت كلّ عدد من سابقه بادئا من العدد الأخير فإنك تصل إلى النتيجة التى يتوصل منها عن طريق إدخال الوتر ، وإخراج الشفع. لذلك فإننى أرى أن أيّا من الطريقتين فهو جائز.
يختلف النحاة فيما بينهم اختلافا بيّنا فيما إذا كان العدد المستثنى فى الوتر أو الشفع بعد العدد المستثنى الأول أكبر من سابقه :
فمن مجوّز لذلك مع إدخال الوتر وإخراج الشفع.
ومن مخرج كلّها من الأول ، أو إخراج كل عدد مما يتبقى من العدد الأول. فإذا قلت : له عندى عشرة إلا ثلاثة إلا أربعة. فعلى الأول يكون الإقرار بثلاثة ، وعلى الثانى يكون الإقرار بأحد عشر فى الاحتمالين.
ويبطل الاستثناء إذا كان المستثنى الأول أكبر من المستثنى منه.
ثالثها : أن تكون استثنائية منفصلة عن سابقتها :
قد تكرر (إلا) لكن المستثنى بها غير مرتبط معنويا بالمستثنى بإلا التى تسبق المكرّرة ، فكلّ من المستثنيات منفصل عن الآخر معنويا ، فكأنّ التركيب الواحد الذى تكرر فيه (إلا) عدة جمل استثنائية ، لكلّ منها قاعدته حسب المعنى الذى وضع له ، ومن ذلك قوله تعالى : (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) [العنكبوت : ٤٦]. تكررت (إلا) فى الآية الكريمة ، والثانية تمثل استثناء مستقلا معنويا عن الاستثناء الأول ، فالأول استثناء مفرغ ، حيث تكون شبه الجملة (بالتى هى أحسن) فى محل نصب على الحالية من واو الجماعة ، والتقدير : جادلوهم مستعينين بالتى هى أحسن ، وقد تحتسب متعلقة بالمجادلة ، أما الاستثناء الآخر فهو استثناء متصل ، والتقدير : إلا الظلمة ، وهو مستثنى من (أهل الكتاب) ، ويكون موقع الاسم الموصول (الذين) إما فى محلّ نصب على البدلية من (أهل) ، وإما فى محل نصب على الاستثناء.