رابعها : أن تدلّ الحال على ترتيب :
والمقصود بذلك أن يكون فى الإتيان بها فى الجملة معنى الترتيب ، نحو : دخلوا رجلا رجلا ، قسّمنا الموضوع بابا بابا. فكلّ من : (رجلا ، وبابا) دلّ على تقسيم ، أى : رجلا بعد رجل ، وبابا بعد باب ، أى : مرتّبين. وضابطه أن تفصّل بالحال ما ذكر مجموعا فى صاحبها ، فـ (رجلا رجلا) تفصيل لصاحبها واو الجماعة ، و (بابا بابا) تفصيل لصاحبها المفعول به (الموضوع).
وفى نصب الجزء الثانى خلاف (١) ، فذهب الزجاج إلى أنه توكيد ، ويذهب ابن جنى إلى أنه صفة للأول ، ويذهب الفارسى إلى أنه منصوب بالأول ، أما المرادى فإنه يختار نصب الجزأين على الحالية ، حيث إن مجموعهما هو الحال ، وهناك من يرى أن الجزء الثانى منصوب على أنه معطوف على الجزء الأول ، وقد حذف حرف العطف ، ويقدر بالفاء أو (ثم).
لكنه مادام معنى الترتيب لا يفهم إلا من خلال ذكر الجزأين منصوبين فهذا يدل على أن الجزأين معا منصوبان على الحالية.
ويلحظ أنه مما ذكرناه من الحالية فى مبنى الاسم الجامد القول : دخلوا الأول فالأول ، أى : إن حرف العطف فصل بين الحالين.
ملحوظة : هل يمكن لنا أن نجعل من هذه الحال قوله تعالى : (ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً ١٣ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً)(٢) [نوح : ١٣ ، ١٤] ، حيث (أطوارا) حال ، وهو اسم جامد غير مصدر ، وهى جمع (طور) ، ويعنى المرة والتارة والتنقل من حال إلى حال ، فالأطوار هى الأحوال المختلفة بين المسىء والمحسن و
الطالح والصالح (٣) وفى المعنى تفصيل فى (أطوارا) لصاحب الحال ضمير المخاطبين فى (خلقكم).
__________________
(١) يرجع إلى شرح الكافية للرضى ١ ـ ٢٠٨ شرح التصريح ١ ـ ١٧٠.
(٢) الجملة الفعلية (لا ترجون) في محل نصب على الحالية. (ما لكم) جملة اسمية ، المبتدأ فيها اسم الاستفهام المبني (ما) ، وخبره شبه الجملة (لكم) ، وتفيد التعجب الإنكاري.
(٣) ينظر : الدر المصون ٦ ـ ٣٨٤.