خامسها : أن تدلّ على طور فيه مفاضلة :
الطور يقصد به الحالة ، والحالة فى هذا الموضع تعنى الانتقال بين جهتين ، سواء أكانت الجهتان تمثّلان حالين لشيئين مختلفين ، أم كانتا تمثلان حالين لشىء واحد ، وفى الموضعين يكون تفضيل حالة عن أخرى ، مثال ذلك : أحمد أدبا أحسن من محمود علما ، علىّ شيخا أكثر نشاطا من خالد شابّا ، ومنه : هذا بسرا أطيب منه رطبا. فالأول والثانى مفضل كلّ منهما على غيره فى طور من الأطوار ، فأحمد فى حال كونه مؤدبا أحسن من محمود فى حال كونه عالما ، وعلىّ فى حال كونه شيخا أكثر نشاطا من خالد فى حال كونه شابّا ، والثالث مفضل على نفسه فى طور من أطواره على طور آخر ، أى : هذا فى حال كونه بسرا أطيب من نفسه فى حال كونه رطبا.
وأجاز الكوفيون أن يقال : أنت زيدا أشهر منك عمرا ، عبد الله المحسن أفضل منه المسىء ، والقول : لذو الرمة ذا الرمة أشهر منه غيلانا.
والبصريون ينصبون كلّ ذلك على تقدير (كان) محذوفة ، أو فعل ملائم ، والتقدير لديهم : أنت إذا تسميت زيدا أشهر منك إذا تسميت عمرا ، عبد الله إذا كان المحسن أفضل منه إذا كان المسىء ... إلخ.
سادسها : أن تدلّ على طورين لشىء واحد دون المفاضلة :
تأتى الحال فى مبنى الاسم الجامد غير المصدر إذا دلت على طورين لشىء واحد ، ولا ضرورة أن يكون فيهما معنى المفاضلة ، كأن يقال : مررت بالعود شجرا ثم مررت به رمادا (١) ، فكل من : (شجرا ورمادا) حال من (العود ، والضمير العائد عليه فى (به) ، فدلّ كلّ من الحالين على طور من أطوار العود دون تفضيل بينهما.
ومثل ذلك أن تقول : شاهدت الأثاث خشبا ، ثم شاهدته أسرة وكراسىّ ، حضرت السيارة صاجا ، ثم حضرتها سيارة.
__________________
(١) نتائج الفكر ٤٠٢.