ـ يرى كثير من النحاة ـ وعلى رأسهم الفارسىّ ـ أن العامل الواحد لا يعمل فى حالين لصاحب واحد إلا بالعطف بين الحالين ، فالقول : (جاء زيد ضاحكا مسرعا) صحته فى مذهبهم : جاء زيد ضاحكا ومسرعا.
ويستثنى هؤلاء من ذلك أفعل التفضيل إذا كان عاملا فى الحال ، نحو : زيد راكبا أحسن منه ماشيا ، لنيابة أفعل التفضيل مناب عاملين ، وكل من (راكبا ، وماشيا) حال منصوب لزيد ، والعامل اسم التفضيل (أحسن).
ـ ولكن ابن جنى يذهب إلى جواز تعدد الحال لعامل واحد ومن صاحب واحد بدون عاطف ، فتقول : مررت بزيد جالسا متكئا ضاحكا ، وإن شئت أن تأتى بعشر أحوال إلى أضعاف ذلك لجاز وحسن ، كما لك أن تأتى للمبتدإ من الأخبار بما شئت ، كقولك : زيد عالم جميل جواد فارس مصرىّ بزاز ، ونحو ذلك (١).
ويأخذ بهذا الرأى كثير من النحاة واللغويين والمفسرين ، وعلى رأسهم ابن مالك (٢).
ففى قوله تعالى : (إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ (١) لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ (٢) خافِضَةٌ رافِعَةٌ) [الواقعة : ١ ـ ٣]. حيث قراءة (خافضة رافعة) بالنصب (٣) ، على أنهما حالان من (الواقعة) ، وكذلك : الجملة الفعلية المحولة (ليس لوقعتها كاذبة) حال من الواقعة ، فهذه ثلاث أحوال الصاحب واحد.
لكننا قد أدركنا من قبل الدائرة المعنوية الواحدة التى تجمع كلا من الخبر و
النعت والحال ، وعلاقة كلّ منها بالمبتدإ والمنعوت وصاحب الحال ، ولما جاز أن ينعت الواحد بعدة نعوت فى وقت واحد جاز أن يخبر عن المبتدإ الواحد بعدة أخبار فى وقت واحد ، وحقيقة الإخبار والهدف من الكلام يجيز ذلك ؛ لذا جاز أن يكون
__________________
(١) المحتسب ٢ ـ ٣٠٧.
(٢) الشافية الكافية ٢ ـ ٧٥٤ ، ٧٥٥.
(٣) قراءة زيد بن على وعيسى والحسن وأبى حيوة وابن مقسم واليزيدى ، ومعهم ابن أبى عبلة والزعفرانى. المحتسب ٢ ـ ٣٠٧ / البحر المحيط ١٠ ـ ٧٧ / الدر المصون ٦ ـ ٢٥٣.