لصاحب الحال الواحدة عدة أحوال ، أى : عدة هيئات أثناء إحداث حدث واحد ؛ لأنه يجوز أن يقبل علينا محمد وهو فى حال مشى ، وحال ضحك ، وحال إمساك بكتابه بيده اليمنى ، وحال رفع لقلمه بيده اليسرى ، وحال تغطية لرأسه ، وحال تجرد من ملابسه الخارجية .... إلى غير ذلك من الهيئات التى تبين حاله أثناء إقباله علينا ، وهو عمل واحد لصاحب واحد فى وقت واحد ، ولكن الهيئات متعددة ، بشرط ألا تكون هيئات متناقضة ، كالمشى والجرى أو الضحك والبكاء ، أو التجرد من الملابس ولبسها ، إلى غير ذلك. فتقول فيما سبق : أقبل علينا محمد ماشيا ، ضاحكا ، ممسكا كتابه بيمناه ، رافعا قلمه بيسراه ، مغطيا رأسه ، متجردا من ملابسه الخارجية ... إلخ.
كما يجوز تعدد الحال من صاحب واحد ، لعامل واحد والأحوال مختلفة المبنى ، فتقول : قرأت الموضوع فكرة فكرة ، فى انتباه ، فاهما كلّ أفكاره ، وأنا مستغرق فى قراءته ، لا أنصرف عنه إلى موضوع آخر. وكل من : الاسم الجامد : فكرة فكرة ، وشبه الجملة (فى انتباه) ، والصفة المشتقة (فاهما) ، والجملة الاسمية (وأنا مستغرق) ، والجملة الفعلية (لا أنصرف) حال من الفاعل ضمير المتكلم فى (قرأت) ، والعامل الفعل (قرأ).
نتقابل فى دراسة تعدد الحال مع عدة تراكيب يكون عليها التعدد :
ـ فقد يكون التعدد فى الحال فى اللفظ والمعنى وصاحبها واحد ، نحو : أقبلت على دراستى شغوفا مجتهدا لدىّ أمل فى التفوق. حيث كل من : (شغوفا ، مجتهدا ، لدىّ أمل) حال منصوبة فى الأولى والثانية ، وفى محل نصب فى الثالثة ، وهى جملة اسمية ، وصاحب الحال الفاعل تاء المتكلم فى (أقبلت) ، فالحال متعددة فى اللفظ والمعنى.
ومنه قول الشاعر :
علىّ إذا لاقيت ليلى بخلوة |
|
أن أزور بيت الله رجلان حافيا (١) |
__________________
(١) شرح التصريح ١ ـ ٣٨٥.