وكقصة عديّ بن حاتم (١) في الخيط الذي وضعه تحت رأسه (٢). وغير ذلك مما سألوا عن آحاد [له] (٣) منه.
ولم ينقل إلينا عنهم تفسير القرآن وتأويله بجملته ؛ فنحن نحتاج إلى ما كانوا يحتاجون إليه ، وزيادة على ما لم يكونوا محتاجين إليه من أحكام الظواهر ، لقصورنا عن مدارك أحكام اللغة بغير تعلّم ؛ فنحن أشدّ الناس احتياجا إلى التفسير.
ومعلوم أن تفسيره يكون بعضه من قبيل بسط الألفاظ الوجيزة وكشف معانيها ، وبعضه من قبيل ترجيح بعض الاحتمالات على بعض ، لبلاغته ولطف معانيه ؛ ولهذا لا يستغنى عن قانون عام يعوّل في تفسيره عليه ، ويرجع في تفسيره إليه ؛ من معرفة مفردات ألفاظه ومركباتها.
وسياقه ، وظاهره وباطنه ، وغير ذلك مما لا يدخل تحت الوهم ، ويدقّ عنه الفهم.
وبين أقداحهم حديث قصير |
|
هو سحر ، وما سواه كلام |
وفي هذا تتفاوت الأذهان ، وتتسابق في النظر إليه مسابقة الرّهان فمن سابق بفهمه ، وراشق كبد الرميّة بسهمه ، وآخر رمى فأشوى (٤) ، وخبط في النظر خبط عشوا ـ كما قيل. وأين الدّقيق من الرّكيك ، وأين الزلال من الزعاق! وقال القاضي شمس الدين [ابن] (٥) الخويّي (٦) رحمهالله : «علم التفسير عسير يسير ؛
__________________
(١) هو الصحابي الجليل عدي بن حاتم بن عبد الله ، أسلم في سنة تسع أو عشر وكان نصرانيا قبل ذلك قال أبو حاتم السجستاني بلغ مائة وثمانين مات سنة ٦٨ ، (ابن حجر ، الإصابة في تمييز الصحابة ٢ / ٤٦٠).
(٢) وردت قصة عدي بن حاتم في حديث متفق عليه من روايته ، فقد أخرجه البخاري في موضعين من صحيحه : ٤ / ١٣٢ ، كتاب الصوم (٣٠) ، باب قول الله تعالى : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ...) (١٦) الحديث (١٩١٦) ، وأخرجه في ٨ / ١٨٢ ، كتاب التفسير (٦٥) ، باب قوله تعالى (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ...) (٢٨) الحديث (٤٥٠٩ ـ ٤٥١٠). وأخرجه مسلم في صحيحه ٢ / ٧٦٦ ، كتاب الصيام (١٣) ، باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر (٨) الحديث (٣٣ / ١٠٩٠) و (٣٤ / ١٠٩١) و (٣٥ /...).
(٣) ساقطة من المطبوعة.
(٤) العبارة في المخطوطة : (وأحرى فأشوى).
(٥) ساقطة من المطبوعة.
(٦) تصحّفت في المخطوطة إلى : (الجوزي) والصواب أنه قاضي القضاة شمس الدين أحمد بن خليل بن سعادة الخويّي ـ بضم الخاء وفتح الواو وتشديد الياء الأولى ـ ولد سنة (٥٨٣) قرأ العقليات على الإمام فخر الدين الرازي والجدل على الطاوسي. كان من أذكياء المتكلمين وأعيان الحكماء والأطباء ذا دين وتعبّد. ولي قضاء دمشق. توفي سنة ٦٣٧. (الذهبي ، سير أعلام النبلاء ٢٣ / ٦٤).