القذف (١) في رماة عائشة رضياللهعنها ، ثم تعدّى إلى غيرهم ، وإن كان قد قال سبحانه : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ) (النور : ٤) ، فجمعها مع غيرها ؛ إما تعظيما لها إذ أنها أمّ المؤمنين ـ ومن رمى أم قوم فقد رماهم ـ وإما للإشارة إلى التعميم ؛ ولكنّ الرماة لها كانوا معلومين ، فتعدّى الحكم إلى من سواهم ؛ فمن يقول بمراعاة حكم اللفظ كان الاتفاق هاهنا هو مقتضى الأصل ، ومن قال بالقصر على الأصل خرج عن الأصل في هذه الآية بدليل. ونظير هذا تخصيص الاستعاذة بالإناث في قوله تعالى : (وَمِنْ [شَرِّ] (٢) النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ) (الفلق : ٤) ، لخروجه على السبب ؛ وهو أن بنات لبيد سحرن رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
كذا قال أبو عبيد (٣) : وفيه نظر ، فإن الذي سحر النبيّ صلىاللهعليهوسلم هو لبيد بن الأعصم (٤) كما [جاء] (٥) في الصحيح.
وقد تنزل الآيات على الأسباب خاصة ، وتوضع كلّ واحدة منها مع ما يناسبها من الآي رعاية لنظم القرآن وحسن السياق ؛ فذلك الذي وضعت معه الآية نازلة على سبب خاص للمناسبة ؛ إذ كان مسوقا لما نزل في معنى يدخل تحت ذلك اللفظ العام ؛ أو كان من جملة
__________________
(١) الأثر ، أخرجه الإمام أحمد في مسنده ٦ / ٣٥ ، وأخرجه أبو داود في سننه ٤ / ٦١٨ كتاب الحدود (٣٧) ، باب في حد القذف (٣٥) الحديث (٤٤٧٤ ـ ٤٤٧٥). وأخرجه ابن ماجة في سننه ٢ / ٨٥٦ كتاب الحدود (٢٠) ، باب حد القذف (١٥) الحديث (٢٥٦٧). وأخرجه الترمذي في سننه ٥ / ٣٣٦ كتاب تفسير القرآن (٤٨) ، باب ومن سورة النور (٢٥) الحديث (٣١٨١).
(٢) ساقطة من المخطوطة.
(٣) هو القاسم بن سلاّم أبو عبيد اللغوي الفقيه المحدّث. درّس الحديث والأدب ونظر في الفقه. وأقام ببغداد مدّة. ثم ولي القضاء بطرسوس وخرج بعد ذلك إلى مكة فسكنها حتى مات بها. من مصنّفاته «الأمثال» «وغريب الحديث» و «معاني القرآن» وغيرها. توفي سنة ٢٢٣ (القفطي ، إنباه الرواة ٣ / ١٢).
(٤) هو لبيد بن الأعصم رجل من بني زريق حليف اليهود ، كان منافقا. (ابن كثير ، تفسير القرآن العظيم ، ٤ / ٦١٤). والحديث متفق عليه من رواية عائشة رضياللهعنها ، أخرجه البخاري في صحيحه ٦ / ٢٧٦ ، كتاب الجزية والموادعة (٥٨) ، باب هل يعفى عن الذمّي إذا سحر (١٤) ، الحديث (٣١٧٥) وأخرجه في ٦ / ٣٣٤ ، كتاب بدء الخلق (٥٩) ، باب صفة إبليس وجنوده (١١) ، الحديث (٣٢٦٨) ، وأخرجه في ١٠ / ٢٢١ ، كتاب الطب (٧٦) ، باب السحر (٤٧) ، الحديث (٥٧٦٣ ، ٥٧٦٥ ، ٥٧٦٦). وأخرجه في ١٠ / ٤٧٩ ، كتاب الأدب (٧٨) ، باب قول الله تعالى (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ..) (٥٦) ، الحديث (٦٠٦٣) وأخرجه في ١١ / ١٩٢ ، كتاب الدعوات (٨٠) ، باب تكرير الدعاء (٥٧) ، الحديث (٦٣٩١) وأخرجه مسلم في صحيحه ٤ / ١٧١٩ كتاب السلام (٣٩) باب السحر (١٧) ، الحديث (٤٣ / ٢١٨٩).
(٥) ساقطة من المخطوطة.