الله ، وأحلّوا ما حرّم الله ، وكانوا على المضادّة والمحادّة [ف] (١) جاءت الآية مناقضة لغرضهم ؛ فكأنه قال : لا حلال إلا ما حرّمتموه ؛ ولا حرام إلاّ ما أحللتموه ؛ (٢) ؛ نازلا منزلة من يقول : لا تأكل اليوم حلاوة ؛ فتقول : لا آكل اليوم إلاّ الحلاوة ؛ والغرض المضادّة لا النفي والإثبات على الحقيقة ؛ فكأنه قال : لا حرام إلا ما حللتموه من الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهلّ لغير الله به ، ولم يقصد حلّ ما وراءه ؛ إذ القصد إثبات التحريم لا إثبات الحلّ.
قال إمام الحرمين (٣) : «وهذا في غاية الحسن ؛ ولو لا سبق الشافعيّ [٤ / أ] إلى ذلك لما كنا نستجيز مخالفة [مالك] (٤) في حصر المحرّمات فيما ذكرته الآية. وهذا قد يكون من الشافعي أجراه مجرى التأويل». ومن قال بمراعاة اللفظ دون سببه لا يمنع من التأويل.
وقد جاءت [آيات] (٤) في مواضع اتفقوا على تعديتها إلى غير أسبابها ؛ كنزول آية الظهار في سلمة بن صخر (٥) ، وآية اللعان في شأن هلال بن أميّة (٦) ،...... ونزول حد
__________________
(١) ساقطة من المطبوعة.
(٢) في المخطوطة : (حللتموه).
(٣) هو عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد الجويني أبو المعالي النيسابوري الشافعي الأشعري المعروف بإمام الحرمين ، فقيه أصولي متكلم مفسّر أديب ولد في المحرم وجاور بمكة توفي سنة (٤٧٨ ه) بنيسابور من تصانيفه الكثيرة : «نهاية المطلب في دراية المذهب» «والبرهان في أصول الفقه» و «تفسير القرآن» (السبكي ، طبقات الشافعية ٣ / ٢٤٩).
(٤) ساقطة من المخطوطة ، وهي من المطبوعة ، وعند السيوطي في الإتقان ٣ / ٨٤.
(٥) هو سلمة بن المحبق الهذلي ، وقيل اسم المحبق صخر يكنى أبا سنان له رواية وساكن البصرة روى عنه ابنه سنان وجون بن قتادة وقبيصة بن حريث والحسن البصري وغيرهم (ابن حجر ، الإصابة ٢ / ٦٦). والأثر أخرجه ابن ماجة في سننه ١ / ٦٦٥ من رواية سلمة في كتاب الطلاق (١٠) ، باب الظهار (٢٥) الحديث (٢٠٦٢) وأخرجه من رواية ابن عباس رضياللهعنه ١ / ٦٦٦ كتاب الطلاق (١٠) ، باب المظاهر يجامع قبل أن يكفّر (٢٦) الحديث (٢٠٦٥) وأخرجه الترمذي في سننه من رواية ابن عباس رضياللهعنه ٣ / ٥٠٣ كتاب الطلاق (١١) ، باب ما جاء في المظاهر يواقع قبل أن يكفّر (١٩) الحديث (١١٩٩) وقال : «هذا حديث حسن غريب صحيح». وأخرجه من رواية أبي سلمة ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان رضياللهعنهما ٣ / ٥٠٣ كتاب الطلاق (١١) ، باب ما جاء في كفارة الظهار (٢٠) الحديث (١٢٠٠) وقال : هذا حديث حسن.
(٦) هو هلال بن أميّة بن عامر الأنصاري الواقفي. شهد بدرا وما بعدها وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم. وله ذكر في الصحيحين من رواية سعيد بن جبير عن ابن عمر (ابن حجر ، الإصابة ٣ / ٥٧٤). والأثر أخرجه البخاري في صحيحه ٨ / ٤٤٩ من رواية ابن عباس في كتاب التفسير (٦٥) ، باب قوله تعالى (وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ...) (٣) الحديث (٤٧٤٧).