فوائد : منها وجه الحكمة الباعثة على تشريع الحكم. ومنها تخصيص الحكم به عند من يرى أنّ العبرة بخصوص السبب.
ومنها الوقوف على المعنى ، قال الشيخ أبو الفتح القشيريّ (١) : «بيان سبب النزول طريق [قويّ] (٢) في فهم معاني الكتاب العزيز» ؛ وهو أمر تحصّل للصحابة بقرائن تحتفّ بالقضايا. ومنها أنه قد يكون اللفظ عاما ، ويقوم الدليل على التخصيص ؛ فإن محلّ السبب لا يجوز إخراجه بالاجتهاد بالإجماع (٣) كما حكاه القاضي أبو بكر (٤) في «مختصر التقريب» ؛ لأن دخول السبب قطعيّ.
ونقل بعضهم الاتفاق على أن لتقدم السبب على ورود العموم أثرا.
ولا التفات إلى ما نقل عن بعضهم من تجويز إخراج محلّ السبب بالتخصيص لأمرين : أحدهما أنه يلزم منه تأخير البيان عن وقت الحاجة ، ولا يجوز. والثاني أن فيه عدولا عن محلّ السؤال ؛ وذلك لا يجوز في حق الشارع ؛ لئلا يلتبس على السائل. واتفقوا على أنه تعتبر النصوصية في السبب من جهة استحالة تأخير البيان عن وقت الحاجة ؛ وتؤثر أيضا فيما وراء محلّ السبب ؛ وهو إبطال الدلالة على قول ، والضعف على قول.
ومن الفوائد أيضا دفع توهّم الحصر ؛ قال الشافعي ما معناه [في معنى] (٥) قوله تعالى : (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً...) (الأنعام : ١٤٥) الآية : إنّ الكفّار لما حرّموا ما أحلّ
__________________
(١) تصحفت في المخطوطة إلى (النويري) ، والصواب أنه القشيري ، وهو أبو الفتح المعروف بابن دقيق العيد كما ذكر السيوطي في الإتقان ٣ / ٨٣ (بتحقيق محمد أبو الفضل) وقد ترجم له الحافظ ابن حجر في الدرر الكامنة ٤ / ٩١ والسبكي في طبقات الشافعية ٦ / ٢. وسيأتي التعريف به في ٢ / ٣٣٨.
(٢) ساقطة من المخطوطة.
(٣) في المطبوعة (والإجماع).
(٤) هو القاضي أبو بكر الباقلاني محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر البصري المالكي الأصولي المتكلم صاحب المصنّفات أخذ علم النظر عن أبي عبد الله بن مجاهد الطائي صاحب الأشعري قال ابن الأهدل : سيف السنة القاضي أبو بكر مجدّد الدين على رأس المائة الرابعة. كان ورعا لم تحفظ عنه زلّة ولا نقيصة توفي سنة ٤٠٣. (الخطيب البغدادي ، تاريخ بغداد ٥ / ٣٧٩) ، وكتابه «مختصر التقريب والإرشاد» في أصول الفقه ذكره القاضي عياض في ترتيب المدارك ٤ / ٦٠١ في ترجمة الباقلاني ، فصل «فهرست كتبه» ، وذكر أن له اختصاران أصغر وأوسط.
(٥) ساقطة من المخطوطة ، وهي من المطبوعة ، وليست في الإتقان ، وانظر كلام الشافعي حول هذه الآية في الأم ٢ / ٢٤١ ، ٢٤٣ ، ٢٤٧ ، ٣ / ٢١٤ ، ٤ / ١٥١ ، ٧ / ٢١ ، ٨٧ ، وفي اختلاف الحديث : ٤٨٥ ، وفي الرسالة : ٢٠٦ ، ٢٠٧ ، ٢٣١ ، وفي أحكام القرآن : ٨٨ ، ١٠١ ، ١٠٢.