وأنها جواب لأهل الكتاب بالمدينة. وكذلك ما ورد (١) في «الصحيحين» (٢) من حديث المسيّب (٣) : «لما حضرت أبا طالب الوفاة ؛ وتلكّأ عن الشهادة فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : والله لأستغفرنّ لك ما لم أنه ، فأنزل الله : (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى) (التوبة : ١١٣) ، وأنزل [الله] (٤) في أبي طالب : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) (القصص : ٥٦)» [٥ / أ] وهذه الآية نزلت في آخر الأمر بالاتفاق ؛ وموت أبي طالب كان بمكة ، فيمكن أنّها نزلت مرّة بعد أخرى ، وجعلت أخيرا في «براءة».
والحكمة في هذا كلّه أنه قد يحدث سبب من سؤال أو حادثة تقتضي نزول آية ؛ وقد نزل قبل ذلك ما يتضمّنها ، فتؤدّى إلى النبي صلىاللهعليهوسلم تلك الآية بعينها (٥) تذكيرا لهم بها ، وبأنها تتضمّن هذه ، والعالم قد يحدث له حوادث ، فيتذكر أحاديث وآيات تتضمّن الحكم في تلك الواقعة وإن لم تكن خطرت له تلك الحادثة قبل ؛ مع حفظه لذلك النّص.
وما يذكره المفسّرون من أسباب متعدّدة لنزول الآية قد يكون [من] (٦) هذا الباب ؛
__________________
ربك ، فأنزل الله تبارك وتعالى : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)» أخرجه أحمد في المسند ٥ / ١٣٣ ، وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير ١ / ٢٤٥ في ترجمة محمد بن ميسّر (٧٧٨) وأخرجه الترمذي في سننه ٥ / ٤٥١ كتاب تفسير القرآن (٤٨) ، باب سورة تبّت يدا (٩٣) الحديث (٣٣٦٤) وأخرجه ابن جرير في تفسيره ٣٠ / ٢٢١ في تفسير سورة الإخلاص وأخرجه ابن خزيمة في كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب ص ٤١ وأخرجه الحاكم في المستدرك ٢ / ٥٤٠ كتاب التفسير ، باب تفسير سورة الإخلاص ، وقال : «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه». وأقرّه الذهبي. وأخرجه البيهقي في كتاب الأسماء والصفات ص ٥٠ باب جماع أبواب ذكر الأسماء التي تتبع نفي التشبيه. وعزاه السيوطي لابن أبي حاتم في السنة ، والبغوي في معجمه ، وابن المنذر في العظمة عن أبيّ بن كعب ، (الدر المنثور ٦ / ٤٠٩).
(١) ساقطة من المخطوطة ، وهي من المطبوعة.
(٢) صحيح البخاري ٧ / ١٩٣ كتاب مناقب الأنصار (٦٣) ، باب قصة أبي طالب (٤٠) الحديث (٣٨٨٤) وأخرجه في ٨ / ٣٤١ كتاب التفسير (٦٥) ، باب قوله تعالى (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ...) (١٥) الحديث (٤٦٧٥) وأخرجه في ٨ / ٥٠٦ كتاب التفسير (٦٥) ، باب قوله تعالى (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ...) (١) الحديث (٤٧٧٢) ، وأخرجه في ١١ / ٥٦٦ كتاب الأيمان والنذور (٨٣) ، باب إذا قال : والله لا أتكلم اليوم (١٩) الحديث (٦٦٨١) وأخرجه مسلم في الصحيح ١ / ٥٤ كتاب الإيمان (١) باب الدليل على صحة إسلام من حضره الموت (٩) الحديث (٣٩ / ٢٤).
(٣) هو المسيّب بن حزن بن أبي وهب القرشي ، أبو سعيد ، شهد الحديبية ، وروى عن النبي صلىاللهعليهوسلم وعن أبيّ ، وأبي سفيان ، وعنه ابنه سعيد قدم لغزو إفريقية سنة ٢٧ (ابن حجر ، تهذيب التهذيب ١٠ / ١٥٢).
(٤) ساقطة من المخطوطة ، وهي من المطبوعة.
(٥) في المطبوعة : (فتؤدّي تلك الآية بعينها إلى النبي صلىاللهعليهوسلم).
(٦) ساقطة من المخطوطة ، وهي من المطبوعة.