فأتى النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فأخبره ؛ فأنزل الله [تعالى] : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) (هود : ١١٤) ، فقال الرجل : ألي هذا؟ فقال : بل لجميع أمّتي». فهذا كان في المدينة ؛ والرجل قد ذكر الترمذيّ (١) ـ أو غيره ـ أنه أبو اليسر (٢). وسورة هود مكّية بالاتفاق ؛ ولهذا أشكل على بعضهم هذا الحديث مع [ما] (٣) ذكرنا ، ولا إشكال ، [لأنها] (٣) نزلت مرّة بعد مرّة.
ومثله ما في «الصحيحين» (٤) عن ابن مسعود : «في قوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ) (الإسراء : ٨٥) أنها نزلت لمّا سأله اليهود عن الرّوح وهو في المدينة ، ومعلوم أنّ هذا (٥) في سورة «سبحان» ؛ وهي مكّية بالاتفاق ؛ فإن المشركين [لمّا] (٦) سألوه عن ذي القرنين (٧) وعن أهل الكهف قبل ذلك بمكّة وأن اليهود أمروهم أن يسألوه عن ذلك ؛ فأنزل الله الجواب كما قد بسط في موضعه.
وكذلك ما ورد في (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (الإخلاص : ١) أنها جواب للمشركين بمكّة (٨) ،
__________________
(١) ذكره الترمذي في حديث طويل من رواية أبي اليسر نفسه في «سننه» ٥ / ٢٩٢ كتاب تفسير القرآن (٤٨) ، باب سورة هود (١٢) الحديث (٣١١٥) وقال : «هذا حديث حسن صحيح».
(٢) تصحف الاسم في المخطوطة إلى (أبي البشر) ، وهو الصحابي الجليل أبو اليسر كعب بن عمرو بن عباد الأنصاري السلمي شهد العقبة وبدرا وله فيها آثار كثيرة. كان آخر من مات من أهل بدر من الصحابة بالمدينة سنة ٥٥ (ابن حجر ، الإصابة ٤ / ٢١٧).
(٣) ساقطة من المخطوطة ، وهي من المطبوعة.
(٤) صحيح البخاري ٨ / ٤٠١ كتاب التفسير (٦٥) ، باب قوله تعالى (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ) (١٣) الحديث (٤٧٢١) وأخرجه في ١٣ / ٤٤٠ كتاب التوحيد (٩٧) ، باب قوله تعالى (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ) الحديث (٧٤٥٦) وأخرجه مسلم في صحيحه ٤ / ٢١٥٢ كتاب صفات المنافقين وأحكامهم (٥٠) ، باب سؤال اليهود النبي صلىاللهعليهوسلم عن الروح (٤) ، الحديث (٢٧٩٤).
(٥) في المطبوعة : (هذه).
(٦) ساقطة من المخطوطة ، وهي من المطبوعة.
(٧) ورد فيه حديث أخرجه ابن أبي حاتم من رواية السدي قال : قالت اليهود للنبي صلىاللهعليهوسلم يا محمد : إنما تذكر إبراهيم وموسى وعيسى والنبيين ، إنك سمعت ذكرهم منا فأخبرنا عن نبي لم يذكره الله في التوراة إلا في مكان واحد قال ومن هو؟ قالوا : ذو القرنين ، قال ما بلغني عنه شيء ، فخرجوا فرحين وقد غلبوا في أنفسهم فلم يبلغوا باب البيت حتى نزل جبريل بهؤلاء الآيات (وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً). (السيوطي ، الدر المنثور ٤ / ٢٤٠).
(٨) ورد فيه حديث من طريق أبيّ بن كعب رضياللهعنه : «أن المشركين قالوا للنبي صلىاللهعليهوسلم : يا محمد انسب لنا