وقد قلّ اعتناء المفسّرين بهذا النوع لدقته ؛ وممن أكثر منه الإمام فخر الدين [الرازي] (١) وقال في تفسيره : «أكثر لطائف القرآن مودعة (٢) في الترتيبات والروابط».
وقال [بعض] (٣) الأئمة : من محاسن الكلام أن يرتبط بعضه ببعض [لئلا يكون منقطعا.
وهذا النوع يهمله بعض المفسّرين ، أو كثير منهم ، وفوائده غزيرة. قال القاضي أبو بكر بن العربي في : «سراج المريدين» (٤) : «ارتباط آي القرآن بعضها ببعض] (٥) حتى تكون (٦) كالكلمة الواحدة ، متّسقة المعاني ، منتظمة المباني علم عظيم ، لم يتعرض له إلا عالم واحد عمل فيه سورة البقرة ، ثم فتح الله عزوجل لنا فيه ؛ فإنا (٧) لم نجد له حملة ، ورأينا الخلق بأوصاف البطلة ختمنا عليه (٨) ، وجعلناه بيننا وبين الله ورددناه إليه».
وقال الشيخ أبو الحسن الشهرباني (٩) : «أول من أظهر ببغداد علم المناسبة ولم نكن سمعناه من غيره [هو] الشيخ (١٠) الإمام أبو بكر النيسابوري ؛ وكان غزير العلم في الشريعة والأدب ، وكان يقول على الكرسيّ إذا قرئ عليه (١١) : لم جعلت هذه الآية إلى جنب هذه؟
وما الحكمة في جعل هذه السورة إلى جنب هذه السورة؟ وكان يزري على علماء بغداد لعدم (١٢) علمهم بالمناسبة». انتهى.
وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام (١٣) : «المناسبة علم حسن ؛ ولكن يشترط في حسن
__________________
(١) زيادة من المطبوعة.
(٢) في المخطوطة : (مودوعة).
(٣) ساقطة من المطبوعة.
(٤) ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون ٢ / ٩٨٤ وقال : (ذكره القرطبي في «تذكرته»).
(٥) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٦) في المخطوطة : (يكون).
(٧) في المطبوعة : (فلما).
(٨) في المخطوطة : (البطلان حملا عليه).
(٩) لعله ممن أخذ عن أبي بكر النيسابوري وهم جماعة ومنهم : أبو الحسن الدار قطني.
(١٠) انظر الملحق رقم (٥).
(١١) في المطبوعة : (إذا قرى عليه الآية).
(١٢) في المخطوطة : (بعدم).
(١٣) هو عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم السلمي الشافعي شيخ الإسلام والمسلمين سلطان العلماء إمام عصره بلا مدافعة تفقّه على الشيخ فخر الدين ابن عساكر ، وقرأ الأصول على الشيخ سيف الدين الآمدي ، وسمع الحديث من الحافظ أبي محمد القاسم. وقد كانت للشيخ العز اليد الطولي في التصوّف. توفي سنة ٦٦٠. (السبكي ، طبقات الشافعية ٥ / ٨٠).