ومنها قوله تعالى : (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ* وَإِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ...) الآية (الغاشية : ١٧ ـ ١٨) ؛ فإنه يقال : ما وجه الجمع بين الإبل والسماء والجبال والأرض في هذه الآية؟ [و] (١) الجواب : إنما (٢) جمع بينها على مجرى الإلف والعادة بالنسبة إلى أهل الوبر ؛ فإنّ جلّ (٣) انتفاعهم في معايشهم من الإبل ، فتكون عنايتهم مصروفة إليها ؛ ولا يحصل إلا بأن ترعى وتشرب ؛ وذلك بنزول المطر ؛ وهو سبب تقليبهم (٤) وجوههم في السماء ؛ ولا (٥) بدّ لهم من مأوى يأويهم ، وحصن يتحصنون [به] (٦) ؛ ولا شيء في ذلك كالجبال ؛ ثم لا غنى [لهم] (٦) ـ لتعذّر طول مكثهم في منزل ـ عن التنقّل من أرض إلى سواها ؛ فإذا نظر البدويّ في خياله وجد صورة هذه الأشياء حاضرة فيه على الترتيب المذكور.
ومنها قوله تعالى : (أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ) (الرعد : ٣٣) ، فيقال : أيّ ارتباط بينهما؟ وجوابه : أن المبتدأ وهو (من) خبره محذوف ، أي : أفمن هو قائم على كل نفس تترك عبادته؟ أو معادل (٧) الهمزة تقديره : أفمن هو قائم على كلّ نفس كمن ليس بقائم؟ ووجه العطف على التقديرين واضح. أما الأول فالمعنى : أتترك عبادة من هو قائم على كل نفس ، ولم يكف الترك حتى جعلوا له شركاء! وأما على الثاني فالمعنى : إذا انتفت المساواة بينهما فكيف يجعلون لغير المساوي حكم المساوي!.
ومنها قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ [فِي رَبِّهِ]) (٨) (البقرة : ٢٥٨) إلى قوله : (وَاللهُ لا يَهْدِي (٩) الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ* أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ) (البقرة : ٢٥٨ ـ ٢٥٩) عطف قصة على قصة ؛ مع أن شرط العطف المشاكلة ، فلا يحسن في نظير الآية : (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ) (الفرقان : ٤٥) (أَوْ كَالَّذِي) (١٠) (البقرة : ٢٥٩) ووجه (١١) ما بينهما من
__________________
(١) ساقطة من المخطوطة ، وهي من المطبوعة.
(٢) في المطبوعة : (أنه).
(٣) في المطبوعة : (كلّ).
(٤) في المطبوعة : (تقليب).
(٥) في المطبوعة : (ثم لا).
(٦) ساقطة من المخطوطة ، وهي من المطبوعة.
(٧) في المخطوطة : (ومعادل).
(٨) ساقطة من المطبوعة.
(٩) في المخطوطة : (لا يحب) ، وهو تصحيف ظاهر.
(١٠) في المخطوطة زيادة (قام).
(١١) في المخطوطة : (وحجة).