المشابهة أنّ : (١) (أَلَمْ تَرَ) بمنزلة : هل رأيت كالذي حاجّ إبراهيم؟ وإنما كانت بمنزلتها لأن : (أَلَمْ تَرَ) مركبة من همزة الاستفهام وحرف النفي ولذلك يجاب ببلى ، والاستفهام يعطي النفي ، إذ حقيقة المستفهم عنه غير ثابتة عند المستفهم ؛ ومن ثمّ (٢) جاء حرف الاستفهام مكان حرف النفي ، ونفي النفي إيجاب ، فصار بمثابة «رأيت» غير [٧ / ب] أنّه مقصود به الاستفهام ، ولم يمكن أن يؤتى بحرفه لوجوده في اللفظ ؛ فلذلك أعطى معنى : هل رأيت. فإن قلت : من أين جاءت «إلى» و «رأيت» يتعدّى بنفسه؟ أجيب لتضمنه معنى «تنظر».
القسم الثاني :
ألا تكون معطوفة ، فلا بدّ من دعامة تؤذن باتصال الكلام ، وهي قرائن معنوية مؤذنة بالربط ؛ والأول مزج (٣) لفظيّ ؛ وهذا مزج (٣) معنويّ ، تنزل الثانية من الأولى منزلة جزئها الثاني ، وله أسباب :
(أحدها) التنظير (٥) ؛ فإن إلحاق النظير بالنظير من دأب العقلاء ؛ ومن أمثلته قوله تعالى : (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِ) (الأنفال : ٥) عقب قوله : (أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) (الأنفال : ٤) فإن الله سبحانه أمر رسوله أن يمضي لأمره في الغنائم على كره من أصحابه كما مضى لأمره في خروجه من بيته لطلب العير وهم كارهون ؛ وذلك أنهم اختلفوا في القتال يوم بدر في الأنفال ، وحاجّوا النبيّ صلىاللهعليهوسلم وجادلوه ؛ (٦) فكره كثير منهم ما كان من فعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم في النفل ، فأنزل الله هذه الآية ، وأنفذ أمره بها [وأمرهم] (٧) أن يتقوا الله ويطيعوه ، ولا يعترضوا عليه فيما يفعله من شيء مما بعد أن كانوا مؤمنين. ووصف [المؤمنين] (٧) ؛ ثم قال : (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِ [وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ) (٨) (الأنفال : ٥) ، يريد أن كراهتهم لما فعلته من الغنائم ككراهتهم للخروج معك. وقيل : معناه أولئك هم المؤمنون حقا ؛ كما أخرجك ربك من بيتك بالحق ؛] (٨) كقوله تعالى : (فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) (الذاريات : ٢٣). وقيل : الكاف صفة لفعل مضمر ؛ وتأويله : افعل في الأنفال كما فعلت
__________________
(١) في المخطوطة : (لأن).
(٢) في المخطوطة : (وقد).
(٣) في المخطوطة : (مزجيّ).
(٥) في المخطوطة : (للنظير) وانظر الإتقان ٣ / ٣٢٤.
(٦) في المخطوطة : (وحاربوه) ، وهو تصحيف ظاهر.
(٧) ساقطة من المخطوطة ، وهي من المطبوعة.
(٨) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة ، وهو من المطبوعة.