«يا بني يعقوب» ؛ وسرّه أن القوم لما خوطبوا بعبادة الله ، وذكّروا بدين أسلافهم ، موعظة لهم وتنبيها من غفلتهم ، سمّوا بالاسم الذي فيه تذكرة بالله ، فإن «إسرائيل» اسم مضاف إلى الله سبحانه في التأويل ، ولهذا لما دعا النبي صلىاللهعليهوسلم قوما إلى الإسلام يقال لهم : «بنو عبد الله» ، قال : «يا بني عبد الله ، إن الله قد أحسن (١) اسم أبيكم» (٢) ، يحرضهم بذلك على ما يقتضيه اسمهم (٣) من العبودية. ولما ذكر موهبته لإبراهيم وتبشيره [به] (٤) قال : يعقوب ، وكان أولى من إسرائيل ، لأنها موهبة تعقب أخرى ، وبشرى [عقب بها بشرى] (٤) فقال : (فَبَشَّرْناها) (٥) بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ [هود : ٧١] [وإن كان اسم يعقوب] (٤) عبرانيا ؛ لكن لفظه موافق للعربيّ ، من العقب والتعقيب. فانظر مشاكلة الاسمين للمقامين (٦) فإنه من العجائب.
وكذلك حيث ذكر الله نوحا سماه به ، واسمه عبد الغفار ، للتنبيه على كثرة نوحه على نفسه في طاعة ربه.
ومنه قوله تعالى حاكيا عن عيسى : (وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) (الصف : ٦) ، ولم يقل «محمد» [لأنه لم يكن محمدا] (٧) حتى كان أحمد ، حمد ربّه ، فنبّأه وشرفه ، فلذلك تقدم على محمد فذكره عيسى به (٨).
ومنه أنّ مدين هم أصحاب الأيكة ، إلا أنه سبحانه حيث أخبر عن مدين قال : (أَخاهُمْ شُعَيْباً) (الأعراف : ٨٥ ، هود : ٨٤ ، العنكبوت : ٣٦) ، وحيث أخبر عن الأيكة (الشعراء : ١٧٦ ، الحجر : ٧٨ ، ص : ١٣ ، ق : ١٤) ، لم يقل «أخوهم». والحكمة فيه أنه لما عرّفهم (٩) بالنسب ،
__________________
(١) في المطبوعة : (حسّن).
(٢) أخرجه ابن إسحاق في السير والمغازي ص ٢٣٢ من رواية الزهري ، باب قصة النبي صلىاللهعليهوسلم لما عرض نفسه على العرب ، وأخرجه ابن هشام في السيرة ج ١ ص ٤٢٤ عن ابن إسحاق من رواية عبد الله بن حصين ، باب عرض رسول الله صلىاللهعليهوسلم نفسه على القبائل.
(٣) في المطبوعة : (اسمه).
(٤) ساقطة من المخطوطة.
(٥) في المخطوطة : (فَبَشَّرْناهُ).
(٦) في المخطوطة : (من المقامين).
(٧) ساقطة من المخطوطة.
(٨) انظر (التعريف والإعلام) للسهيلي ص ١٦٩.
(٩) في المطبوعة : (عرفها) ، والتصويب من المخطوطة ، وهو ما ينسجم مع كلمة «عرّفهم» الآتية ، وانظر التعريف والإعلام : ٧٨.