ممن كانوا (١) في طبقة خزيمة ممن لم يجمع القرآن».
«وأما أبيّ بن كعب ، وعبد الله بن مسعود ، ومعاذ بن جبل ؛ فبغير شكّ جمعوا القرآن ، والدلائل عليه متظاهرة ـ قال ـ ولهذا المعنى لم يجمعوا السنن في كتاب إذا لم يكن ضبطها كما ضبط القرآن ـ قال ـ ومن الدليل على ذلك أنّ تلك المصاحف التي كتب منها القرآن كانت عند الصدّيق لتكون إماما ولم تفارق الصدّيق في حياته ، ولا عمر أيامه. ثم كانت عند حفصة لا تمكّن منها ، ولما (٢) احتيج إلى جمع الناس على قراءة واحدة ، وقع الاختيار عليها (٣) في أيام عثمان ؛ فأخذ ذلك الإمام ، ونسخ في المصاحف التي بعث بها إلى الكوفة ، وكان الناس متروكين على قراءة ما يحفظون من قراءتهم المختلفة حتى خيف الفساد فجمعوا على القراءة التي نحن عليها. قال : والمشهور عند الناس أنّ جامع القرآن عثمان [رضياللهعنه] (٤) ، وليس كذلك ؛ إنما حمل عثمان الناس على القراءة بوجه واحد على اختيار وقع بينه وبين من شهده من المهاجرين والأنصار لما خشي الفتنة عند اختلاف أهل العراق والشام في حروف القراءات والقرآن. وأما قبل ذلك فقد كانت المصاحف بوجوه من القراءات المطلقات على الحروف السبعة (٥) التي أنزل بها القرآن ؛ فأمّا السابق إلى جمع الجملة فهو الصديق ؛ روي عن عليّ أنه قال : «رحم الله أبا بكر [الصديق] (٦) هو أول من جمع بين اللوحين» (٧) ، ولم يحتج الصحابة في أيام أبي بكر وعمر إلى جمعه على وجه ما جمعه عثمان ؛ لأنه لم يحدث في أيامهما من الخلاف فيه ما حدث في زمن عثمان ؛ ولقد وفّق لأمر عظيم ، ورفع الاختلاف [٣٤ / ب] وجمع الكلمة ، وأراح الأمة».
«وأما تعلق الروافض بأن عثمان أحرق المصاحف فإنه جهل منهم وعمّى ، فإنّ هذا من فضائله وعلمه ، فإنه أصلح ، ولمّ الشّعث ، وكان ذلك واجبا عليه ، ولو تركه لعصى (٨) لما فيه من التضييع ؛ وحاشاه من ذلك. وقولهم : إنه سبق إلى ذلك ممنوع لما بيّنّاه أنه كتب في زمن النبي صلىاللهعليهوسلم في (٩) الرّقاع والأكتاف ؛ وأنه في زمن الصديق جمعه في حرف واحد».
__________________
(١) في المخطوطة «كان».
(٢) في المخطوطة : (ثم).
(٣) في المخطوطة : (على ذلك).
(٤) ساقطة من المخطوطة.
(٥) في المخطوطة : (المشتبهة).
(٦) ساقطة من المطبوعة.
(٧) أخرجه ابن أبي داود في المصاحف ص : ٥ ، باب جمع القرآن (جمع أبي بكر الصديق رضياللهعنه). في المخطوطة «في مصحف».
(٨) في المخطوطة : (لقضى).
(٩) في المخطوطة : (من).