واعلم أن تسمية سائر سور القرآن يجري فيها من رعي التسمية ما ذكرنا. وانظر سورة (ق) لما تكرر فيها من ذكر الكلمات بلفظ القاف. ومن ذلك السور المفتتحة بالحروف المقطعة ، ووجه اختصاص كلّ واحدة بما وليته ، حتى لم تكن لترد (الم) في موضع (الر) ، ولا (حم) في موضع (طس) ؛ لا سيما إذا قلنا : إنها أعلام لها وأسماء عليها.
وكذا وقع في كلّ سورة منها ما كثر ترداده فيما يتركب من كلمها ؛ ويوضّحه أنك إذا ناظرت سورة منها بما يماثلها في عدد كلماتها وحروفها وجدت الحروف [٤٠ / ب] المفتتح بها تلك السورة إفرادا وتركيبا أكثر عددا في كلماتها منها في نظيرتها ومماثلتها في عدد كلمها وحروفها ؛ فإن لم تجد بسورة منها ما يماثلها في عدد كلمها ففي اطراد ذلك في المماثلات ممّا يوجد له النظير ما يشعر بأنّ هذه لو وجد ما يماثلها لجرى على ما ذكرت لك. وقد اطّرد هذا في أكثرها فحق لكل سورة منها ألاّ يناسبها غير الوارد فيها ؛ فلو وضع موضع (ق) من سورة (ن) لم يمكن لعدم التناسب الواجب مراعاته في كلام الله تعالى. وقد تكرر في سورة يونس من الكلم الواقع فيها (الر) مائتا كلمة وعشرون أو نحوها ، فلهذا افتتحت ب (الر). وأقرب السور إليها مما يماثلها بعدها من غير المفتتحة بالحروف المقطعة سورة النحل وهي أطول منها مما يركب على (الر) من كلمها مائتا كلمة ، مع زيادتها في الطول عليها ، فلذلك وردت الحروف المقطعة في أولها (الر).