(وَأُمْلِي لَهُمْ) على ما لم يسم فاعله ، أو (وَأُمْلِي لَهُمْ) ،] على الإخبار ؛ لأن الإملاء في كلتا القراءتين مسند إلى الله تعالى ، لقوله : (فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ) (الحج : ٤٤) ، فيحسن قطعه من التسويل الذي هو مسند إلى الشيطان ، وهو كما قال ، وإنما يحسن قطعه بالوقف [ليفصل] (١) بين الحرفين. ولقد نبّه بعض من وصله على حسن هذا الوقف ، فاعتذر بأن الوصل هو الأصل.
ومثله الوقف على قوله : (رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها) (الحديد : ٢٧) ، والابتداء بقوله : (ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ) ، وذلك للإعلام بأن الله تعالى جعل الرّهبانية في قلوبهم ، أي خلق ، كما جعل الرأفة والرحمة في قلوبهم ، وإن كانوا قد ابتدعوها فالله تعالى خلقها ؛ بدليل قوله سبحانه : (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) (الصافات : ٩٦) ؛ هذا مذهب أهل السنة ، وقد نسب أبو عليّ الفارسيّ (٢) إلى مذهب الاعتزال بقوله في «الإيضاح» حين تكلم على هذه الآية فقال : «ألا ترى أنّ الرهبانية لا يستقيم حملها على (جعلنا) مع وصفها بقوله : (ابْتَدَعُوها) ، لأن ما يجعله الله لا يبتدعونه» ، فكذلك ينبغي أن يفصل [بالوقف] (٣) بين المذهبين.
ومثله الوقف على قوله تعالى : (فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ) (التحريم : ٤) ، [والابتداء] (٣) بقوله : (وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ) (٤) [لما فيه من الإعلام بأن الله وحده هو مولاه ، ومن بعده ظهير] (٤) أي معينون له صلىاللهعليهوسلم ؛ فتكون هذه الجملة مستأنفة.
وأما احتياجه إلى المعرفة بالقراءات فلأنه إذا قرأ : (وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً) (الفرقان : ٢٢) [بفتح الحاء] (٥) ، كان هذا التّمام ، [عنده] (٤) وإن ضمّ الحاء ـ وهي قراءة الحسن ـ فالوقف عند (حِجْراً) لأنّ العرب كان إذا نزل بالواحد منهم شدّة قال : «حجرا» فقيل
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) هو الحسن بن أحمد بن عبد الغفار تقدم ذكره في ١ / ٣٧٥ ، وكتابه «الإيضاح العضدي» طبع الجزء الأول منه بتحقيق حسن شاذلي فرهود بالقاهرة بمطبعة دار التأليف سنة ١٣٩٠ ه / ١٩٦٩ م ، ثم ظهر الجزء الثاني منه بعنوان «التكملة» بتحقيق حسن شاذلي فرهود وطبع بالرياض بجامعة الملك سعود ١٤٠٢ ه / ١٩٨١ م ، وحققه أيضا كاظم بحر المرجان كرسالة ماجستير بجامعة القاهرة كلية الآداب سنة ١٣٩٢ ه / ١٩٧٢ م في ٤٢٩ صفحة وانظر (نشرة أخبار التراث العربي ٣ / ٢٥ و ٦ / ٣١ و ٧ / ٢٨).
(٣) ليست في المخطوطة.
(٤) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوعة.
(٥) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة ، قال ابن خالويه في مختصر شواذ القرآن : ١٠٤ (حِجْراً) بضم