«طلحت» إشعارا بأنّ الكلام لم يتم عند ذاك ، وكوقفه على [(إِلى)] (١) من قوله : (وَإِذا خَلَوْا إِلى) (البقرة : ١٤) بإلقاء [حركة] (١) الهمزة على الساكن قبلها ، كهذه الصورة «خلو لى» ، وعلى هذا يجوز أن يقف في المنظوم من القول حيث شئت ، وهذا هو أحسن الوقفين.
والاختياريّ وهو أفضلهما ؛ هو الذي لا يكون باعتبار انفصال ما بين جزأي القول ؛ وينقسم بانقسام الانفصال [أقساما] (١) :
الأول التام ؛ وهو الذي يكون بحيث يستغني كلّ واحد من جزأي القولين اللّذين يكتنفانه عن الآخر ؛ كالوقف على (نَسْتَعِينُ) (الفاتحة : ٥) من قوله : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) ، والآخر : (اهْدِنَا الصِّراطَ) [٥٤ / ب](الْمُسْتَقِيمَ) (الفاتحة : ٦) مستغن عن الآخر من حيث الإفادة النحوية والتعلق اللفظيّ.
الثاني الناقص ؛ وهو أن يكون ما قبله مستغنيا عما بعده ؛ ولا يكون ما بعده مستغنيا عما قبله ، كالوقف على (الْمُسْتَقِيمَ) من قوله : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) (الفاتحة : ٦) ؛ ولأن لك أن تسكت على (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) ، وليس لك أن تقول مبتدئا : (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) (الفاتحة : ٧) (فإن قيل) : و[لم] (١) لا يجوز أن يقدّر هاهنا الفعل الذي ينتصب به (صراط)؟ (قلنا) : أوّل ما في ذلك أنّك إذا قدّرت الفعل قبل (صراط) لم تكن مبتدئا به من حيث المعنى ، ثم إن فعلت ذلك كان الوقف تاما ، لأن كلّ واحد من طرفيه يستغني حينئذ عن الآخر ، والنحويون يكرهون الوقف الناقص في التنزيل مع إمكان التام ، فإن طال الكلام ولم يوجد فيه وقف تامّ حسن الأخذ بالناقص ؛ كقوله تعالى : (قُلْ أُوحِيَ) (الجن : ١) إلى قوله : (فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) (الجن : ١٨) إن كسرت بعده (إن) فإن فتحتها فإلى قوله : (كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً) (الجن : ١٩) ؛ لأن الأوجه في (٢) «أنّ» في (٢) الآية أن تكون محمولة على (أُوحِيَ) وهذا أقرب من جعل الوقف التام (حَطَباً) (الجن : ١٥) وحمل : (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا) (الجن : ١٦) على القسم ، فاضطر في (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ) (الجن : ١٨) إلى أن جعل التقدير : (فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) لأن المساجد لله.
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) تحرف رسمها في المخطوطة إلى (كل).