دالة على ذلك كما تقدم. الى ان قال : الثاني : انه أوجب الدم ، وقد عرفت ان الدم إذا أطلق حمل على أقل مراتبه وهو الشاة ، عملا بأصالة البراءة ، وقد بينا في المسألة السابقة ان الواجب بدنة ، خلافا لابني بابويه انتهى.
قالوا : ولو أفاض عامدا وعاد قبل الغروب لم يلزمه الجبر ، لأصالة البراءة ولانه لو لم يقف أولا ثم اتى قبل غروب الشمس ووقف حتى تغرب الشمس لم يجب عليه شيء ، فكذا هنا. وحكى العلامة في المنتهى عن بعض العامة قولا باللزوم (١) لحصول الإفاضة المحرمة المقتضية للزوم الدم فلا يسقط الا بدليل. قال في المدارك : وهو غير بعيد وان كان الأقرب السقوط.
أقول : المسألة عندي محل توقف ، لفقد النص في المقام ، والتعليلات التي ذكروها عليلة لا تصلح لتأسيس الأحكام الشرعية ، والقول العامي لا يخلو من قوة.
بقي الكلام في ان مورد رواية مسمع الجاهل والعامد. واما حكم الناسي فهو غير مذكور فيها ، والأصحاب قد أدرجوه في حكم الجاهل وجعلوا حكمه حكم الجاهل ، كما قدمنا نقله عنهم ، ودعوى الإجماع عليه. وكأنهم بنوا في ذلك على اشتراكهما في العذر وعدم توجه الخطاب. وفيه منع ظاهر فان المفهوم من تتبع الاخبار ان الجاهل أعذر ، وان الناسي بسبب تذكره أولا وعلمه سابقا لا يساوي الجاهل الذي لا علم له أصلا ، ولهذا استفاضت الاخبار بعدم وجوب قضاء الصلاة على جاهل النجاسة (٢) وتكاثرت بوجوب القضاء على الناسي ، حتى علل في بعضها بأنه عقوبة له لنسيانه وعدم
__________________
(١) المغني ج ٣ ص ٤١٤ و ٤١٥ طبع عام ١٣٦٨.
(٢) الوسائل الباب ٤٠ من النجاسات.