أقول : وهذا انما يتجه بناء على ما قدمنا نقله من ضم تلك المرسلة إلى الروايات المتقدمة وتقييدها بها ، وجعل ما اشتمل عليه الجميع حكما في المسألة. وقد أشرنا إلى بعده. ويحتمل ـ ولعله الأقرب ـ حمل مطلق الروايات على مقيدها ، وتخصيص يوم المواعدة بالميقات ، وهو اليوم الذي يعقدون فيه الإحرام بالتقليد ، وانه يشاركهم في الإحرام من ذلك الوقت.
وبالجملة فالظاهر ان الغرض من هذا الفعل هو مشاركة هذا المرسل للحاج في أفعال الحج التي أولها الإحرام من الميقات. والله العالم.
الخامس ـ قال شيخنا في المسالك : المراد بالهدي هنا المجزئ في الحج ، فيتخير من النعم الثلاثة ، ويشترط فيه شرائطها السابقة من السن والسلامة من العيوب والسمن وغيرها ، وأفضله البدنة ، وقد صرح بها في بعض الاخبار (١) ، وبعث البعيد منبه عليه ايضا. انتهى. وهو جيد.
بقي هنا شيء ، وهو ان ما ذكره من التخيير بين الأنعام الثلاثة وان تم من حيث صدق الهدي على كل منهما ، إلا ان الإرسال من الآفاق انما يتم في البدن خاصة دون غيرها من البقر والغنم ، لضعفها عن الوصول كما لا يخفى ، فلو خص الهدي في الاخبار وكلام الأصحاب بالبدن لكان جيدا. والقول ـ بأنه يمكن السياق من الأماكن القريبة ويتم سياق البقر والغنم ـ فيه : انه وان أمكن ذلك إلا ان ظواهر الأخبار المتقدمة ان السياق انما هو من الأماكن البعيدة. والله العالم.
السادس ـ قال في المسالك : يفتقر اجتنابه لما يجتنبه المحرم الى
__________________
(١) الوسائل الباب ١٠ من الإحصار والصد.